كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

3493 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَقَرَأَ عَلَيْنَا )
: أَيْ فِي سُورَة النُّور
( سُورَة )
: خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف أَيْ هَذِهِ سُورَة
( أَنْزَلْنَاهَا )
: صِفَة لَهَا . وَقَرَأَ طَلْحَة بِالنَّصْبِ أَيْ اُتْلُ سُورَة
( وَفَرَضْنَاهَا )
: أَيْ وَفَرَضْنَا مَا فِيهَا مِنْ الْإِحْكَام وَأَلْزَمْنَاكُمْ الْعَمَل بِهَا
( يَعْنِي مُخَفَّفَة )
: كَمَا هُوَ قِرَاءَة الْأَكْثَرِينَ . قَالَ الْبَغَوِيُّ : قَرَأَ اِبْن كَثِير وَأَبُو عُمَر ( وَفَرَضْنَاهَا ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاء ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ ، أَمَّا التَّشْدِيد فَمَعْنَاهُ فَصَّلْنَاهُ وَبَيَّنَّاهُ اِنْتَهَى
( حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَات )
: الَّتِي بَعْد قَوْله تَعَالَى وَفَرَضْنَاهَا .
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
فَائِدَة : وَأَمَّا إِخْرَاج الضَّاد مِنْ مَخْرَجهَا فَعَسِير لَا يَقْدِر عَلَيْهِ الْعَوَامّ . وَفِي شَرْح الشَّاطِبِيَّة الْمَوْسُوم بِكَنْزِ الْمَعَانِي شَرْح حِرْز الْأَمَانِيّ لِلشَّيْخِ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد الْمَعْرُوف بِشُعْلَةَ الْمَوْصِلِيّ الْحَنْبَلِيّ أَنَّ الضَّاد وَالظَّاء وَالذَّال مُتَشَابِهَة فِي السَّمْع ، وَالضَّاد لَا تَفْتَرِق عَنْ الظَّاء إِلَّا بِاخْتِلَافِ الْمَخْرَج وَزِيَادَة الِاسْتِطَالَة فِي الضَّاد وَلَوْلَاهُمَا لَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا عَيْن الْأُخْرَى اِنْتَهَى .
وَقَالَ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْجَزَرِيُّ فِي التَّمْهِيد فِي عِلْم التَّجْوِيد : وَالنَّاس يَتَفَاوَتُونَ فِي النُّطْق بِالضَّادِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلهُ ظَاء لِأَنَّ الضَّاد يُشَارِك الظَّاء فِي صِفَاتهَا كُلّهَا وَيَزِيد عَلَى الظَّاء بِالِاسْتِطَالَةِ فَلَوْلَا الِاسْتِطَالَة وَاخْتِلَاف الْمَخْرَجَيْنِ لَكَانَتْ ظَاؤُهُمْ أَكْثَر الشَّامِيِّينَ وَبَعْض أَهْل الشَّرْق . وَحَكَى اِبْن جِنِّيّ فِي كِتَاب التَّنْبِيه وَغَيْره أَنَّ مِنْ الْعَرَب مَنْ يَجْعَل الضَّاد ظَاء مُطْلَقًا فِي جَمِيع كَلَامهمْ وَهَذَا قَرِيب وَفِيهِ تَوَسُّع لِلْعَامَّةِ اِنْتَهَى .
وَقَالَ فَخْر الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيره الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة : الْمُخْتَار عِنْدنَا أَنَّ اِشْتِبَاه الضَّاد بِالظَّاءِ لَا يُبْطِل الصَّلَاة وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشَابَهَة حَاصِلَة فِيهِمَا جِدًّا وَالتَّمَيُّز عَسِير ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُط التَّكْلِيف بِالْفَرْقِ .@

الصفحة 42