كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)
لِأَنَّ الْكُفَّار يُسْلِمُونَ فِي زَمَان عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى تَكُون الدَّعْوَة وَاحِدَة فَلَوْ كَانَتْ الشَّمْس طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا قَبْل خُرُوج الدَّجَّال وَنَزَلَ عِيسَى لَمْ يَنْفَع الْكُفَّار إِيمَانهمْ أَيَّام عِيسَى ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَعهُمْ لَمَا صَارَ الدِّين وَاحِدًا ، وَلِذَلِكَ أَوَّلَ بَعْضهمْ هَذَا الْحَدِيث بِأَنَّ الْآيَات إِمَّا أَمَارَات دَالَّة عَلَى قُرْب الْقِيَامَة وَعَلَى وُجُودهَا وَمِنْ الْأَوَّل الدَّجَّال وَنَحْوه ، وَمِنْ الثَّانِي طُلُوع الشَّمْس وَنَحْوه فَأَوَّلِيَّة طُلُوع الشَّمْس إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِسْم الثَّانِي اِنْتَهَى
( إِنَّ أَوَّل الْآيَات خُرُوجًا )
أَيْ : ظُهُورًا ضُحًى بِالتَّنْوِينِ أَيْ وَقْت اِرْتِفَاع النَّهَار قَالَ الْعَلْقَمِيّ قَالَ اِبْن كَثِير : أَيْ أَوَّل الْآيَات الَّتِي لَيْسَتْ مَأْلُوفَة وَإِنْ كَانَ الدَّجَّال وَنُزُول عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَبْل ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج كُلّ ذَلِكَ أُمُور مَأْلُوفَة لِأَنَّهُمْ بَشَر مُشَاهَدَتهمْ وَأَمْثَالهمْ مَأْلُوفَة فَإِنَّ خُرُوج الدَّابَّة عَلَى شَكْل غَرِيب غَيْر مَأْلُوف وَمُخَاطَبَتهَا النَّاس وَوَسْمهَا إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ أَوْ الْكُفْر فَأَمْر خَارِج عَنْ مَجَارِي الْعَادَات وَذَلِكَ أَوَّل الْآيَات الْأَرْضِيَّة كَمَا أَنَّ طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا عَلَى خِلَاف عَادَتهَا الْمَأْلُوفَة أَوَّل الْآيَات السَّمَاوِيَّة اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي التَّذْكِرَة : رَوَى اِبْن الزُّبَيْر أَنَّهَا جُمِعَتْ مِنْ كُلّ حَيَوَان ، فَرَأْسهَا رَأْس ثَوْر وَعَيْنهَا عَيْن خِنْزِير وَأُذُنهَا أُذُن فِيل وَقَرْنهَا قَرْن أُيَّلٍ ، وَعُنُقهَا عُنُق النَّعَامَة وَصَدْرهَا صَدْر أَسَد ، وَلَوْنهَا لَوْن نَمِر ، وَخَاصِرَتهَا خَاصِرَة هِرّ ، وَذَنَبهَا ذَنَب كَبْش وَقَوَائِمهَا قَوَائِم بَعِير بَيْن كُلّ مَفْصِل وَمَفْصِل اِثْنَا عَشَر ذِرَاعًا ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرهمَا ذَكَرَهُ الْعَزِيزِيّ
( فَأَيَّتهمَا )
: بِشَدَّةِ الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة
( فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرهَا )
: بِفَتْحَتَيْنِ وَبِكَسْرٍ فَسُكُون أَيْ تَحْصُل عَقِبهَا
( قَالَ عَبْد اللَّه )
: أَيْ اِبْن عَمْرو
( وَكَانَ يَقْرَأ الْكُتُب )
: جُمْلَة حَالِيَّة @
الصفحة 425