كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

لَا تَخْتَلِف مُقْتَضَيَاتهَا وَلَا يَتَطَرَّق إِلَيْهَا خِلَاف مَا هِيَ عَلَيْهِ . قُلْت : قَوَاعِدهمْ مَنْقُوضَة وَمُقَدِّمَاتهمْ مَمْنُوعَة وَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّتهَا فَلَا اِمْتِنَاع فِي اِنْطِبَاق مِنْطَقَة الْبُرُوج عَلَى مُعَدَّل النَّهَار بِحَيْثُ يَصِير الْمَشْرِق مَغْرِبًا وَعَكْسه اِنْتَهَى . وَرَوَى الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو الشَّيْخ فِي الْعَظَمَة عَنْ كَعْب قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُطْلِع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا أَدَارَهَا بِالْقُطْبِ فَجَعَلَ مَشْرِقهَا مَغْرِبهَا وَمَغْرِبهَا مَشْرِقهَا . قُلْت : إِنَّا نُشَاهِد كُلّ يَوْم الْفَلَك دَائِرًا بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى مِنْ الْمَشْرِق لِلْمَغْرِبِ فَإِذَا قَالَ : لَهُ كُنْ مُقَهْقِرًا دَوَرَانك مِنْ الْمَغْرِب لِلْمَشْرِقِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ بِعَكْسِهِ ، فَكَانَ فَأَيّ مَانِع يَمْنَعهُ عِنْد كُلّ مُؤْمِن وَقَدْ قَالَ : { إِنَّمَا أَمْره إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون } فَسُبْحَان اللَّه تَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا اِنْتَهَى ، قُلْت : مَا ذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ مِنْ عَدَم الِامْتِنَاع فِي اِنْطِبَاق مِنْطَقَة الْبُرُوج عَلَى الْمُعَدَّل بِحَيْثُ يَصِير الْمَشْرِق مَغْرِبًا وَعَكْسه فَفِيهِ نَظَر قَدْ بَيَّنَهُ الْعَلَّامَة الْأَلُوسِيّ فِي تَفْسِيره رُوح الْمَعَانِي تَحْت آيَة { يَوْم يَأْتِي بَعْض آيَات رَبّك لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا } الْآيَة
( وَخُرُوج الدَّابَّة )
وَهِيَ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض تُكَلِّمهُمْ } الْآيَة قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هِيَ دَابَّة عَظِيمَة تَخْرُج مِنْ صَدْع فِي الصَّفَا . وَعَنْ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ أَنَّهَا الْجَسَّاسَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث الدَّجَّال قَالَهُ النَّوَوِيّ
( وَعِيسَى اِبْن مَرْيَم )
: أَيْ خُرُوج عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ نُزُوله مِنْ السَّمَاء ، وَفِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ نُزُول عِيسَى بْن مَرْيَم وَهَذَا الْمُنْكِر ضَالّ مُضِلّ وَسَيَأْتِي بَحْثه .
وَقَدْ سَأَلَنِي بَعْض الْمَلَاحِدَة هَلْ جَاءَ التَّصْرِيح فِي الْحَدِيث بِأَنَّ عِيسَى بْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام تَوَلَّدَ مِنْ غَيْر أَب ؟ قُلْت : نَعَمْ أَخْرَجَ عَبْد بْن حُمَيْدٍ الْكَشِّيّ فِي مُسْنَده أَنْبَأَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى قَالَ : أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي بُرْدَة بْن أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَنْطَلِق مَعَ@

الصفحة 427