كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

قَوْله ( نَفْسًا ) : لَمْ تَكُنْ كَسَبَتْ إِلَخْ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى الْمَنْفِيّ وَظَاهِر الْآيَة يَدُلّ لِلْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْإِيمَان الْمُجَرَّد عَنْ الطَّاعَة لَا يَنْفَع صَاحِبه وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْله لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ كَسَبَتْ فِيهِ خَيْرًا صَرِيح فِي ذَلِكَ ، وَرُدَّ بِأَنَّ فِي الْآيَة حَذْفًا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْدِيره فَمَبْنَى الشُّبْهَة أَنَّ الْفَاعِل وَاحِد هُوَ الْمَذْكُور فَقَطْ وَمَبْنَى رَدّهَا عَلَى أَنَّهُ مُتَعَدِّد الْمَذْكُور وَآخَر مُقَدَّر اِنْتَهَى . قُلْت : لَا شَكَّ فِي أَنَّ ظَاهِر الْآيَة يَدُلّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُعْتَزِلَة وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَام فِي تَأْوِيل الْآيَة وَالْجَوَاب عَنْ الْمُعْتَزِلَة [ ذَكَرَهُ ] الْعَلَّامَة الْأَلُوسِيّ فِي تَفْسِيره رُوح الْمَعَانِي . وَقَدْ بَسَطَ الْعَلَّامَة الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِي الْجَوَاب عَنْ التَّأْوِيلَات فِي تَفْسِيره فَتْح الْقَدِير فَعَلَيْك بِمُطَالَعَتِهِمَا لِيَنْجَلِيَ لَك الْحَقّ . وَقَالَ فِي جَامِع الْبَيَان { أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانهَا خَيْرًا } : عُطِفَ عَلَى آمَنَتْ أَيْ لَا يَنْفَع الْكَافِر إِيمَانه فِي ذَلِكَ الْحِين وَلَا الْفَاسِق الَّذِي مَا كَسَبَ خَيْرًا فِي إِيمَانه تَوْبَته فَحَاصِله أَنَّهُ مِنْ بَاب اللَّفّ التَّقْدِيرِيّ أَيْ لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا وَلَا كَسْبهَا فِي الْإِيمَان إِنْ لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل أَوْ كَسَبَتْ فِيهِ أَيْ لَا يَنْفَعهُمْ تَلَهُّفهمْ عَلَى تَرْك الْإِيمَان بِالْكِتَابِ وَلَا عَلَى تَرْك الْعَمَل بِمَا فِيهِ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ اِنْتَهَى .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
الْفُرَات كَغُرَابٍ النَّهَر الْمَشْهُور وَهُوَ بِالتَّاءِ وَيُقَال : يَجُوز بِالْهَاءِ كَالتَّابُوتِ وَالتَّابُوهِ وَالْعَنْكَبُوت وَالْعَنْكَبُوهِ ذَكَرَهُ الْحَافِظ . وَالْحَسْر الِانْكِشَاف .@

الصفحة 436