كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا .
3761 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَا بُعِثَ نَبِيّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَ أُمَّته الدَّجَّال )
: أَيْ خَوَّفَهُمْ بِهِ . قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : وَفِي حَدِيث أَبِي عُبَيْدَة عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ : " لَمْ يَكُنْ نَبِيّ بَعْد نُوح إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمه الدَّجَّال " وَعِنْد أَحْمَد : " لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوح أُمَّته وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْده " أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عُمَر . وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ إِنْذَار نُوح قَوْمه بِالدَّجَّالِ مَعَ أَنَّ الْأَحَادِيث قَدْ ثَبَتَتْ أَنَّهُ يَخْرُج بَعْد أُمُور ذُكِرَتْ وَأَنَّ عِيسَى يَقْتُلهُ بَعْد أَنْ يَنْزِل مِنْ السَّمَاء فَيَحْكُم بِالشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّة . وَالْجَوَاب أَنَّهُ كَانَ وَقْت خُرُوجه أَخْفَى عَلَى نُوح وَمَنْ بَعْده فَكَأَنَّهُمْ أُنْذِرُوا بِهِ وَلَمْ يُذْكَر لَهُمْ وَقْت خُرُوجه فَحَذَّرُوا قَوْمهمْ مِنْ فِتْنَته ، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض طُرُقه : " إِنْ يَخْرُج وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجه " فَإِنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل أَنْ يَتَبَيَّنَّ لَهُ وَقْت خُرُوجه وَعَلَامَاته ، فَكَانَ يَجُوز أَنْ يَخْرُج فِي حَيَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ بَعْد ذَلِكَ حَاله وَوَقْت خُرُوجه فَأُخْبِرَ بِهِ ، فَبِذَلِكَ تَجْتَمِع الْأَخْبَار . اِنْتَهَى
( أَلَا )
: حَرْف التَّنْبِيه
( وَإِنَّهُ )
: أَيْ الدَّجَّال
( أَعْوَر وَإِنَّ رَبّكُمْ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَر )
: إِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ أَدِلَّة الْحُدُوث فِي الدَّجَّال ظَاهِرَة لِكَوْنِ الْعَوَر أَثَر مَحْسُوس يُدْرِكهُ الْعَالِم وَالْعَامِّيّ وَمَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة ، فَإِذَا اِدَّعَى الرُّبُوبِيَّة وَهُوَ نَاقِص الْخِلْقَة ، وَالْإِلَه يَتَعَالَى عَنْ النَّقْص ، عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِب . ذَكَرَهُ فِي الْفَتْح
( وَإِنَّ بَيْن عَيْنَيْهِ مَكْتُوب كَافِر )
: وَفِي بَعْض النُّسَخ مَكْتُوبًا بِالنَّصْبِ ، وَفِي بَعْض نُسَخ الْبُخَارِيّ الَّذِي شَرَحَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر عَلَيْهِ : وَإِنَّ بَيْن عَيْنَيْهِ @

الصفحة 440