كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ حَفِظَ عَشْر آيَات مِنْ أَوَّل سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال " . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَابْن بَشَّار قَالَا : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة ح . وَحَدَّثَنِي زُهَيْر بْن حَرْب قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ قَالَ : أَخْبَرَنَا هَمَّام جَمِيعًا عَنْ قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد ، قَالَ شُعْبَة : مِنْ آخِر الْكَهْف ، وَقَالَ هَمَّام : مِنْ أَوَّل الْكَهْف كَمَا قَالَ هِشَام . فَرِوَايَة مُسْلِم هَذِهِ تُنَادِي أَنَّ هَمَّامًا وَهِشَامًا كِلَيْهِمَا مُتَّفِقَانِ فِي الْإِسْنَاد وَالْمَتْن ، وَقَالَا : عَشْر آيَات مِنْ أَوَّل الْكَهْف ، وَأَمَّا شُعْبَة فَقَالَ : مِنْ آخِر الْكَهْف .
وَأَمَّا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن فَقَالَ مُحَمَّد بْن جَعْفَر : أَخْبَرَنَا شُعْبَة عَنْ قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ " مَنْ قَرَأَ ثَلَاث آيَات مِنْ أَوَّل الْكَهْف " . وَفِي عَمَل الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَنْ عَمْرو بْن عَلِيّ عَنْ غُنْدَر عَنْ شُعْبَة بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ : " مَنْ قَرَأَ عَشْر آيَات مِنْ الْكَهْف " وَقَالَ فِي عَمَل الْيَوْم وَاللَّيْلَة : الْعَشْر الْأَوَاخِر . وَعَنْ أَحْمَد بْن سُلَيْمَان عَنْ عَفَّان عَنْ هَمَّام عَنْ قَتَادَة بِهِ مِثْل الْأَوَّل : عَشْر آيَات مِنْ أَوَّل سُورَة الْكَهْف . اِنْتَهَى .
قَالَ النَّوَوِيّ : قِيلَ سَبَب ذَلِكَ مَا فِي أَوَّلهَا مِنْ الْعَجَائِب وَالْآيَات ، فَمَنْ تَدَبَّرَهَا لَمْ يُفْتَتَن بِالدَّجَّالِ ، وَكَذَا فِي آخِرهَا { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا } إِلَخْ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : اِخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي سَبَب ذَلِكَ ، فَقِيلَ لِمَا فِي قِصَّة أَصْحَاب الْكَهْف مِنْ الْعَجَائِب وَالْآيَات ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَغْرِب أَمْر الدَّجَّال وَلَمْ يَهُلْهُ ذَلِكَ فَلَمْ يُفْتَتَن بِهِ ، وَقِيلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لِيُنْذِر بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ } تَمَسُّكًا بِتَخْصِيصِ الْبَأْس بِالشِّدَّةِ وَاللَّدُنِّيَّة ، وَهُوَ مُنَاسِب لِمَا يَكُون مِنْ الدَّجَّال مِنْ دَعْوَى الْإِلَهِيَّة وَاسْتِيلَائِهِ وَعِظَم فِتْنَته ، وَلِذَلِكَ عَظَّمَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْره@

الصفحة 452