كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)
إِلَيْهِ مِنْ عِلْم هَذِهِ الشَّرِيعَة لِلْحُكْمِ بَيْن النَّاس وَالْعَمَل بِهِ فِي نَفْسه فَيَجْتَمِع الْمُؤْمِنُونَ عِنْد ذِكْر ذَلِكَ إِلَيْهِ وَيُحَكِّمُونَهُ عَلَى أَنْفُسهمْ ، إِذْ لَا أَحَد يَصْلُح لِذَلِكَ غَيْره .
قَالَ السُّيُوطِيُّ : مَا قَالَهُ كَكَوْنِ الْعُلَمَاء يُسْلَبُونَ عِلْمهمْ بَاطِل قَطْعًا بَلْ لَا تَزَال الْأُمَّة بِعُلَمَائِهِمْ وَقُضَاتهمْ وَغَيْرهمْ إِلَّا أَنَّ الْإِمَام الْأَكْبَر الْمَرْجُوع إِلَيْهِ هُوَ نَبِيّ اللَّه عِيسَى ، عَلَى نَبِيّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ، وَقَبْض الْعِلْم إِنَّمَا يَكُون بَعْد مَوْت الْمُؤْمِنِينَ .
( رَجُل )
: أَيْ هُوَ رَجُل
( مَرْبُوع )
: أَيْ بَيْن الطَّوِيل وَالْقَصِير
( بَيْن مُمَصَّرَتَيْنِ )
: قَالَ فِي النِّهَايَة : الْمُمَصَّرَة مِنْ الثِّيَاب الَّتِي فِيهَا صُفْرَة خَفِيفَة ، أَيْ يَنْزِل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بَيْن ثَوْبَيْنِ فِيهِمَا صُفْرَة خَفِيفَة
( كَأَنَّ رَأْسه يَقْطُر وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَل )
: كِنَايَة عَنْ النَّظَافَة وَالنَّضَارَة
( فَيَدُقّ الصَّلِيب )
: أَيْ يَكْسِرهُ . قَالَ فِي شَرْح السُّنَّة وَغَيْره : أَيْ فَيُبْطِل النَّصْرَانِيَّة وَيَحْكُم بِالْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّة . وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : الصَّلِيب فِي اِصْطِلَاح النَّصَارَى خَشَبَة مُثَلَّثَة يَدَّعُونَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام صُلِبَ عَلَى خَشَبَة مُثَلَّثَة عَلَى تِلْكَ الصُّورَة وَقَدْ يَكُون فِيهِ صُورَة الْمَسِيح
( وَيَقْتُل الْخِنْزِير )
: أَيْ يُحَرِّم اِقْتِنَاءَهُ وَأَكْله وَيُبِيح قَتْله
( وَيَضَع الْجِزْيَة )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَيْ يُكْرِهُ أَهْل الْكِتَاب عَلَى الْإِسْلَام ، فَلَا يَقْبَل مِنْهُمْ الْجِزْيَة بَلْ الْإِسْلَام أَوْ الْقَتْل . وَقَالَ فِي النِّهَايَة : فَلَا يَبْقَى ذِمِّيّ تُجْرَى عَلَيْهِ جِزْيَة ، أَيْ لَا يَبْقَى فَقِير لِاسْتِغْنَاءِ النَّاس بِكَثْرَةِ الْأَمْوَال فَتَسْقُط الْجِزْيَة لِأَنَّهَا إِنَّمَا شُرِعَتْ لِتُرَدَّ فِي مَصَالِح الْمُسْلِمِينَ تَقْوِيَة لَهُمْ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مُحْتَاج لَمْ تُؤْخَذ . وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : أَوْ أَرَادَ بِوَضْعِ الْجِزْيَة تَقْرِيرهَا عَلَى الْكُفَّار بِلَا مُحَابَاة فَيَكْثُر الْمَال بِسَبَبِهِ . وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّ صَوَابه أَنَّ عِيسَى لَا يَقْبَل غَيْر الْإِسْلَام . وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة أَحْمَد : وَتَكُون الدَّعْوَة وَاحِدَة .@
الصفحة 455