كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمْ ، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَبْل يَوْم الْقِيَامَة إِمَامًا عَادِلًا وَحَكَمًا مُقْسِطًا اِنْتَهَى .
فَهَذِهِ الْآيَات الْكَرِيمَة وَالنُّصُوص الصَّحِيحَة الثَّابِتَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلّ دَلَالَة وَاضِحَة عَلَى نُزُول عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض عِنْد قُرْب السَّاعَة وَلَا يُنْكِر نُزُوله إِلَّا ضَالّ مُضِلّ مُعَانِد لِلشَّرْعِ مُخَالِف لِكِتَابِ اللَّه وَسُنَّة رَسُوله وَاتِّفَاق أَهْل السُّنَّة . وَمِنْ الْمَصَائِب الْعُظْمَى وَالْبَلَايَا الْكُبْرَى عَلَى الْإِسْلَام أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُلْحِدِينَ الدَّجَّالِينَ الْكَذَّابِينَ خَرَجَ مِنْ الْفِنْجَاب مِنْ إِقْلِيم الْهِنْد ، وَهُوَ مَعَ كَوْنه مُدَّعِيًا لِلْإِسْلَامِ كَذَّبَ الشَّرِيعَة وَعَصَى اللَّه وَرَسُوله وَطَغَى ، وَآثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا ، وَكَانَ أَوَّل مَا اِدَّعَاهُ أَنَّهُ مُحَدَّث وَمُلْهَم مِنْ اللَّه تَعَالَى ثُمَّ كَثُرَتْ فِتْنَته وَعَظُمَتْ بَلِيَّته مِنْ سَنَة سِتّ وَأَلْف وَثَلَاث مِائَة إِلَى السَّنَة الْحَاضِرَة وَهِيَ سَنَة عِشْرِينَ بَعْد الْأَلْف وَثَلَاث مِائَة ، وَأَلَّفَ الرَّسَائِل الْعَدِيدَة [ مِنْهَا تَوْضِيح الْمُرَاد ، وَمِنْهَا إِزَالَة الْأَوْهَام وَمِنْهَا فَتْح الْإِسْلَام وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ التَّحْرِيرَات ] فِي إِثْبَات مَا اِدَّعَاهُ مِنْ الْإِلْهَامَات الْكَاذِبَة وَالدَّعَاوَى الْعَقْلِيَّة الْوَاهِيَة وَأَقْوَال الزَّنْدَقَة وَالْإِلْحَاد ، وَحَرَّفَ الْكَلِم وَالنُّصُوص الظَّاهِرَة عَنْ مَوَاضِعهَا ، وَتَفَوَّهَ بِمَا تَقْشَعِرّ مِنْهُ الْجُلُود وَبِمَا لَمْ تَجْتَرِئ عَلَيْهِ إِلَّا غَيْر أَهْل الْإِسْلَام ، أَعَاذَنَا اللَّه تَعَالَى وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ شُرُوره وَنَفْثه وَنَفْخه فَمِنْ أَقْوَاله الْوَاهِيَة الْمَرْدُودَة الَّتِي صَرَّحَ بِهَا فِي رَسَائِله أَنَّ نُزُول عِيسَى ابْن مَرْيَم وَرَفْعه إِلَى السَّمَاء بِجَسَدِهِ الْعُنْصُرِيّ مِنْ الْخُرَافَات وَالْمُسْتَحِيلَات .
وَادَّعَى أَنَّ عِيسَى الْمَسِيح الْمَوْعُود فِي الشَّرِيعَة الْمُحَمَّدِيَّة وَالْخَارِج فِي آخِر الزَّمَان لِقَتْلِ الدَّجَّال لَيْسَ هُوَ عِيسَى ابْن مَرْيَم الَّذِي تُوُفِّيَ ، بَلْ الْمَسِيح الْمَوْعُود مَثِيله وَهُوَ أَنَا الَّذِي أَنْزَلَنِي اللَّه تَعَالَى فِي الْقَادِيَانِ وَأَنَا هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْقُرْآن @

الصفحة 464