كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

الْعَظِيم وَنَطَقَتْ بِهِ السُّنَّة النَّبَوِيَّة ، وَأَمَّا عِيسَى ابْن مَرْيَم فَلَيْسَ بِحَيٍّ فِي السَّمَاء .
وَأَنْكَرَ وُجُود الْمَلَائِكَة عَلَى الْوَجْه الَّذِي أَخْبَرَنَا بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْكَرَ نُزُول جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْكَرَ نُزُول مَلَك الْمَوْت ، وَأَنْكَرَ لَيْلَة الْقَدْر .
وَيَذْهَب فِي وُجُود الْمَلَائِكَة مَذْهَب الْفَلَاسِفَة وَالْمَلَاحِدَة وَيَقُول إِنَّ النُّبُوَّة التَّامَّة قَدْ اِنْقَطَعَتْ وَلَكِنَّ النُّبُوَّة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْمُبَشِّرَات فَهِيَ بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا اِنْقِطَاع لَهَا أَبَدًا ، وَأَنَّ أَبْوَاب النُّبُوَّة الْجُزْئِيَّة مَفْتُوحَة أَبَدًا . وَيَقُول إِنَّ ظَوَاهِر الْكِتَاب وَالسُّنَّة مَصْرُوفَة عَنْ ظَوَاهِرهَا ، وَإِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَزَلْ يُبَيِّن مُرَاده بِالِاسْتِعَارَاتِ وَالْكِنَايَات وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْخُرَافَات وَالْعَقَائِد الْبَاطِلَة .
قُلْت : وَأَكْثَر عَقَائِده وَمُعْظَم مَقَالَاته مُوَافِق لِمَقَالَاتِ الْفِرْقَة النَّيْجِرِيَّة الطَّاغِيَة وَمُطَابِق لِمَذْهَبِ هَؤُلَاءِ الطَّائِفَة الزَّائِغَة ، فَإِنَّ الطَّائِفَة النَّيْجِرِيَّة أَفْسَدَتْ فِي أَرْض الْهِنْد وَتَقَوَّلَتْ عَلَى اللَّه بِمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ ، وَصَنَّفَ رَئِيس النَّيْجِرِيَّة وَإِمَامهمْ تَفْسِيرًا لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم بِلُغَةِ الْهِنْد فَفَسَّرَهُ بِرَأْيِهِ الْفَاسِد وَحَرَّفَ فِي مَعَانِي الْقُرْآن وَصَرَفَ إِلَى غَيْر مَحَلّه ، وَجَاءَ بِالطَّامَّةِ الْكُبْرَى وَأَنْكَرَ مُعْظَم عَقَائِد الْإِسْلَام ، وَأَحْكَمَ وَأَتْقَنَ مَذَاهِب الْفَلَاسِفَة وَأَهْل الْأَهْوَاء ، وَعَكَفَ عَلَى تَأْلِيفَات هَؤُلَاءِ فَاسْتَخْرَجَ عَنْهَا مَا أَرَادَ مِنْ الْأَقْوَال الْمُضَادَّة لِلشَّرِيعَةِ وَالْمُخَالِفَة لِلسُّنَّةِ النَّبَوِيَّة عَلَيْهِ أَفْضَل الصَّلَاة وَالتَّحِيَّة ، وَرَدَّ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الثَّابِتَة ، وَأَنْكَرَ وُجُود الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَالْجَنَّة وَالنَّار وَأَنْكَرَ الْمُعْجِزَات بِأَسْرِهَا ، وَأَثْبَتَ الْأَب لِعِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمَقَالَات الْبَاطِلَة الْمَرْدُودَة ، وَصَنَّفَ لِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْمَقَالَات رَسَائِل كَثِيرَة ، وَحَرَّرَ التَّحْرِيرَات ، فَضَلَّ وَأَضَلَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس ؛ لَكِنَّ عُلَمَاء الْإِسْلَام لَمْ يَزَلْ دَأْبهمْ وَهِمَّتهمْ لِرَدِّ مَقَالَات أَهْل الْإِلْحَاد وَالزَّيْغ وَالْفَسَاد وَيَعُدُّونَ ذَلِكَ خَيْر ذَخِيرَة لِلْمَعَادِ ، فَقَامَ عَلَى رَدّ مَقَالَاته الْفَاسِدَة شَيْخنَا@

الصفحة 465