كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَدَّدَ حَيْثُ قَالَ إِنْ يَكُنْ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ ، وَلَكِنْ فِيهِ أَنَّ الظَّاهِر الْمُتَبَادِر مِنْ إِطْلَاق الدَّجَّال هُوَ الْفَرْد الْأَكْمَل ، فَالْوَجْه حَمْل يَمِينه عَلَى الْجَوَاز عِنْد غَلَبَة الظَّنّ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم قَالَهُ الْقَارِي .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : اِسْتَدَلَّ بِهِ جَمَاعَة عَلَى جَوَاز الْيَمِين بِالظَّنِّ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَط فِيهَا الْيَقِين .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابه الْبَعْث وَالنُّشُور : اِخْتَلَفَ النَّاس فِي أَمْر اِبْن صَيَّاد اِخْتِلَافًا كَثِيرًا هَلْ هُوَ الدَّجَّال ، قَالَ : وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ غَيْره اِحْتَجَّ بِحَدِيثِ تَمِيم الدَّارِيّ قَالَ : وَيَجُوز أَنْ تُوَافِق صِفَة اِبْن صَيَّاد صِفَة الدَّجَّال كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ أَشْبَهَ النَّاس بِالدَّجَّالِ عَبْد الْعُزَّى بْن قَطَن وَلَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ . وَكَانَ أَمْر اِبْن صَيَّاد فِتْنَة اِبْتَلَى اللَّه تَعَالَى بِهَا عِبَاده فَعَصَمَ اللَّه تَعَالَى مِنْهَا الْمُسْلِمِينَ وَوَقَاهُمْ شَرّهَا ، قَالَ وَلَيْسَ فِي حَدِيث جَابِر أَكْثَر مِنْ سُكُوت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ عُمَر ، فَيَحْتَمِل أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَالْمُتَوَقِّفِ فِي أَمْره ثُمَّ جَاءَهُ الْبَيَان أَنَّهُ غَيْره كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيث تَمِيم . هَذَا كَلَام الْبَيْهَقِيِّ . وَقَدْ اِخْتَارَ أَنَّهُ غَيْره اِنْتَهَى كَلَام النَّوَوِيّ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم .
3771 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( سَالِم )
: هُوَ اِبْن أَبِي الْجَعْد
( جَابِر )
: هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه
( فَقَدْنَا اِبْن صَيَّاد يَوْم الْحَرَّة )
: هُوَ يَوْم غَلَبَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة عَلَى أَهْل الْمَدِينَة وَمُحَارَبَته إِيَّاهُمْ ، وَهَذَا يُخَالِف مَا فِي رِوَايَة جَابِر الْمُتَقَدِّمَة مِنْ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ . قَالَ الْقَارِي نَقْلًا عَنْ الطِّيبِيّ : قِيلَ هَذَا يُخَالِف رِوَايَة مَنْ رَوَى أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ قَالَ وَهُوَ مُخَالِف إِذْ يَلْزَم مِنْ فَقْده الْمُحْتَمَل مَوْته بِهَا وَبِغَيْرِهَا وَكَذَا بَقَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا إِلَى حِين خُرُوجه عَدَم جَزْم مَوْته بِالْمَدِينَةِ اِنْتَهَى .@

الصفحة 484