كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

( وَيَقُول )
: أَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( سَنَاهْ سَنَاهْ )
: بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَالنُّون وَبَعْد الْأَلِف هَاء سَاكِنَة أَيْ حَسَنٌ حَسَنٌ . وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ هَذَا سَنَاه وَالْمُشَار إِلَيْهِ عَلَم الْخَمِيصَة
( وَسَنَاهْ فِي كَلَام الْحَبَشَة الْحَسَن )
: قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ : وَكَلَّمَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِلِسَانِ الْحَبَشَة لِأَنَّهَا وُلِدَتْ بِأَرْضِ الْحَبَشَة اِنْتَهَى .
قَالَ السُّيُوطِيُّ : قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين بْن الصَّلَاح : قَدْ اِسْتَخْرَجَ بَعْض الْمَشَايِخ لِلُبْسِ الْخِرْقَة أَصْلًا مِنْ هَذَا الْحَدِيث ، وَقَدْ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى السُّهْرَوَرْدِي فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي عَوَارِف الْمَعَارِف فَقَالَ وَأَصْل لُبْس الْخِرْقَة هَذَا الْحَدِيث قَالَ : وَلُبْس الْخِرْقَة اِرْتِبَاط بَيْن الشَّيْخ وَالْمُرِيد فَيَكُون لُبْس الْخِرْقَة عَلَامَة لِلتَّفْوِيضِ وَالتَّسْلِيم فِي حُكْم اللَّه وَرَسُوله وَإِحْيَاء سُنَّة الْمُبَايَعَة ثُمَّ قَالَ : وَلَا خَفَاء فِي أَنَّ لُبْس الْخِرْقَة عَلَى الْهَيْئَة الَّتِي يَعْتَمِدهَا الشُّيُوخ فِي هَذَا الزَّمَان لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ الْمَشَايِخ مَنْ لَا يَلْبَس الْخِرْقَة وَكَانَ طَبَقَة مِنْ السَّلَف الصَّالِحِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْخِرْقَة وَلَا يُلْبِسُونَ الْمُرِيدِينَ فَمَنْ يَلْبَسهَا فَلَهُ مَقْصِد صَحِيح وَمَنْ لَمْ يَلْبَسهَا فَلَهُ رَأْيه وَكُلّ تَصَارِيف الْمَشَايِخ مَحْمُولَة عَلَى السَّدَاد وَالصَّوَاب وَلَا تَخْلُو عَنْ نِيَّة صَالِحَة .
قَالَ السُّيُوطِيُّ : وَقَدْ اِسْتَنْبَطْت لِلْخِرْقَةِ أَصْلًا أَوْضَحُ مِنْ هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَب الْإِيمَان مِنْ طَرِيق عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ أَنَّ رَجُلًا أَتَى اِبْن عُمَر فَسَأَلَهُ عَنْ إِرْخَاء طَرَف الْعِمَامَة فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّة وَأَمَّرَ عَلَيْهَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَعَقَدَ لِوَاءً وَعَلَى عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف عِمَامَة مِنْ كَرَابِيس مَصْبُوغَة بِسَوَادٍ فَدَعَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَّ عِمَامَته فَعَمَّمَهُ بِيَدِهِ وَأَفْضَلَ مِنْ عِمَامَته مَوْضِع أَرْبَعَة أَصَابِع أَوْ نَحْوه فَقَالَ هَكَذَا فَاعْتَمَّ فَهُوَ أَحْسَن وَأَجْمَل ، فَهَذَا أَوْضَح فِي كَوْنه أَصْلًا لِلُبْسِ الْخِرْقَة مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّل أَنَّ الصُّوفِيَّة إِنَّمَا يَلْبَسُونَ طَاقِيَّة عَلَى رَأْس لَا ثَوْبًا عَامًّا لِكُلِّ بَدَنه الثَّانِي أَنَّ حَدِيث أُمّ عَطِيَّة فِي اللِّبَاس غِطَاء وَقِسْمَة وَكِسْوَة @

الصفحة 67