كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

فِي مُخْتَصَر الْمُنْذِرِيِّ ، وَإِنَّمَا وُجِدَتْ فِي بَعْض النُّسَخ مِنْ السُّنَن .
قَالَ فِي مُنْتَقَى الْأَخْبَار : وَقَدْ صَحَّ لُبْسه عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ تَحْت هَذَا الْقَوْل لَا يَخْفَاك أَنَّهُ لَا حُجَّة فِي فِعْل بَعْض الصَّحَابَة وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا ، وَالْحُجَّة إِنَّمَا هِيَ فِي إِجْمَاعهمْ عِنْد الْقَائِلِينَ بِحُجِّيَّةِ الْإِجْمَاع ، وَقَدْ أَخْبَرَ الصَّادِق الْمَصْدُوق أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ أُمَّته أَقْوَام يَسْتَحِلُّونَ الْخَزّ وَالْحَرِير وَذَكَرَ الْوَعِيد الشَّدِيد فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْمَسْخ إِلَى الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير اِنْتَهَى .
وَفِي فَتْح الْبَارِي . وَقَدْ ثَبَتَ لُبْس الْخَزّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَبِسَهُ عِشْرُونَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَة وَأَكْثَر .
وَأَوْرَدَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ جَمْع مِنْهُمْ وَعَنْ طَائِفَة مِنْ التَّابِعِينَ بِأَسَانِيد جِيَاد . وَأَعْلَى مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن سَعْد الدَّشْتَكِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ " رَأَيْت رَجُلًا عَلَى بَغْلَة وَعَلَيْهِ عِمَامَة خَزّ سَوْدَاء وَهُوَ يَقُول كَسَانِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبه مِنْ طَرِيق عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار قَالَ : أَتَتْ مَرْوَان بْن الْحَكَم مَطَارِف خَزّ فَكَسَاهَا أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْأَصَحّ فِي تَفْسِير الْخِزَانَة ثِيَاب سَدَاهَا مِنْ حَرِير وَلُحْمَتهَا مِنْ غَيْره ، وَقِيلَ تُنْسَج مَخْلُوطَة مِنْ حَرِير وَصُوف أَوْ نَحْوه ، وَقِيلَ أَصْله اِسْم دَابَّة يُقَال لَهَا الْخَزّ سُمِّيَ الثَّوْب الْمُتَّخَذ مِنْ وَبَره خَزًّا لِنُعُومَتِهِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُخْلَط بِالْحَرِيرِ لِنُعُومَةِ الْحَرِير . وَعَلَى هَذَا فَلَا يَصِحّ الِاسْتِدْلَال بِلُبْسِهِ عَلَى جَوَاز لُبْس مَا يُخَالِطهُ الْحَرِير مَا لَمْ يَتَحَقَّق أَنَّ الْخَزّ الَّذِي لَبِسَهُ السَّلَف كَانَ مِنْ الْمَخْلُوط بِالْحَرِيرِ .
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّة وَالْحَنَابِلَة لُبْس الْخَزّ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُهْرَة . وَعَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَة وَهَذَا كُلّه فِي الْخَزّ اِنْتَهَى كَلَام الْحَافِظ .@

الصفحة 86