كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)
3526 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مُسْتَقَة )
: بِضَمِّ الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْمَلَة وَمُثَنَّاة فَوْقِيَّة وَقَاف . قَالَ الْأَصْمَعِيّ : الْمَسَاتِق فِرَاء طِوَال الْأَكْمَام وَاحِدهَا مُسْتَقَة قَالَ وَأَصْلُهَا فِي الْفَارِسِيَّة مُشْته فَعُرِّبَتْ كَذَا فِي مَعَالِم السُّنَن
( مِنْ سُنْدُس )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُشْبِه أَنْ تَكُون هَذِهِ الْمُسْتَقَة مُكَفَّفَة بِالسُّنْدُسِ لِأَنَّ نَفْس الْفَرْوَة لَا تَكُون سُنْدُسًا اِنْتَهَى وَفِي النِّهَايَة مُسْتَقَة بِضَمِّ التَّاء وَفَتْحهَا فَرْو طَوِيل الْكُمَّيْنِ وَهِيَ تَعْرِيب مُشْته وَقَوْله مِنْ سُنْدُس يُشْبِه أَنَّهَا كَانَتْ مُكَفَّفَة بِالسُّنْدُسِ وَهُوَ الرَّفِيع مِنْ الْحَرِير وَالدِّيبَاج لِأَنَّ نَفْس الْفَرْو لَا يَكُون سُنْدُسًا وَجَمْعُهَا مَسَاتِق اِنْتَهَى
( فَلَبِسَهَا )
: أَيْ الْمُسْتَقَة قَبْل التَّحْرِيم ، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ أَنَس بْن مَالِك " أَنَّ أُكَيْدَر دُومَة أَهْدَى إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّة سُنْدُس أَوْ دِيبَاج قَبْل أَنْ يُنْهَى عَنْ الْحَرِير فَلَبِسَهَا فَتَعَجَّبَ النَّاس مِنْهَا ، فَقَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيل سَعْد بْن مُعَاذ فِي الْجَنَّة أَحْسَن مِنْهَا .
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر قَالَ " أُهْدِيَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوج حَرِير فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ اِنْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا عَنِيفًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ .
وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر بْن عَبْد اللَّه يَقُول " لَبِسَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَبَاء مِنْ دِيبَاج أُهْدِيَ لَهُ ثُمَّ أَوْشَكَ أَنْ يَنْزِعَهُ ، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقِيلَ قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْته يَا رَسُول اللَّه ، فَقَالَ نَهَانِي عَنْهُ جِبْرَئِيلَ ، فَجَاءَهُ عُمَر يَبْكِي ، فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه كَرِهْت أَمْرًا وَأَعْطَيْتَنِيه فَمَالِي فَقَالَ إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهُ لِتَلْبَسهُ إِنَّمَا أَعْطَيْتُك تَبِيعهُ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَم " وَهَذِهِ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَس الْحَرِير ثُمَّ كَانَ التَّحْرِيم آخِر الْأَمْرَيْنِ
( فَكَأَنِّي أَنْظُر إِلَى يَدَيْهِ تَذَبْذَبَانِ )@
الصفحة 93