كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

3796 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَخَنَقَهَا )
: أَيْ عَصَرَ حَلْقهَا
( فَأَبْطَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمهَا )
: فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يُقْتَل مَنْ شَتَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ نَقَلَ ابْن الْمُنْذِر الِاتِّفَاق عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرِيحًا وَجَبَ قَتْله . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَا أَعْلَم خِلَافًا فِي وُجُوب قَتْله إِذَا كَانَ مُسْلِمًا . وَقَالَ اِبْن بَطَّال : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَنْ سَبَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّا أَهْل الْعَهْد وَالذِّمَّة كَالْيَهُودِ فَقَالَ اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك يُقْتَل مَنْ سَبَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُسْلِم ، وَأَمَّا الْمُسْلِم فَيُقْتَل بِغَيْرِ اِسْتِتَابَة ، وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق مِثْله فِي حَقّ الْيَهُودِيّ وَنَحْوه ، وَرُوِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك فِي الْمُسْلِم أَنَّهَا رِدَّة يُسْتَتَاب مِنْهَا . وَعَنْ الْكُوفِيِّينَ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا عُزِّرَ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَهِيَ رِدَّة . وَحَكَى عِيَاض خِلَافًا هَلْ كَانَ تَرْك مَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّصْرِيح أَوْ لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيف ؟ وَنُقِلَ عَنْ بَعْض الْمَالِكِيَّة أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَقْتُل الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ لَهُ السَّام عَلَيْك لِأَنَّهُمْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمْ الْبَيِّنَة بِذَلِكَ وَلَا أَقَرُّوا بِهِ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِمْ بِعِلْمِهِ ، وَقِيلَ إِنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يُظْهِرُوهُ وَلَوَوْهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ تَرَكَ قَتْلهمْ . وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَحْمِل ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى السَّبّ بَلْ عَلَى الدُّعَاء بِالْمَوْتِ الَّذِي لَا بُدّ مِنْهُ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرَّدّ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْكُمْ أَيْ الْمَوْت نَازِل عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ فَلَا مَعْنَى لِلدُّعَاءِ بِهِ كَذَا فِي النَّيْل .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : ذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّ الشَّعْبِيّ سَمِعَ مِنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَقَالَ غَيْره إِنَّهُ رَآهُ .@

الصفحة 17