كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

هَذَا الْبَاب
( فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ )
: أَيْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ، وَظَاهِر اللَّفْظ يُوهِم أَنَّ الضَّمِير الْمَجْرُور فِي مِنْهُمْ يَرْجِع إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، يُبَيِّنهُ رِوَايَة النَّسَائِيِّ فَفِيهَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْمُشْرِكِينَ فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْل أَنْ يُقْدَر عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيل وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَة لِلرَّجُلِ الْمُسْلِم فَمَنْ قَتَلَ وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْض وَحَارَبَ اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ لَحِقَ بِالْكُفَّارِ قَبْل أَنْ يُقْدَر عَلَيْهِ لَمْ يَمْنَعهُ ذَلِكَ أَنْ يُقَام فِيهِ الْحَدّ الَّذِي أَصَابَ
( قَبْل أَنْ يُقْدَر )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول وَهَذَا التَّفْصِيل مَذْهَب اِبْن عَبَّاس ، وَظَاهِر الْآيَة شَامِل لِلْكَافِرِ وَالْمُسْلِم .
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَعَبْد بْن حُمَيْدٍ وَغَيْرهمَا عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ كَانَ حَارِثَة بْن بَدْر التَّمِيمِيّ مِنْ أَهْل الْبَصْرَة قَدْ أَفْسَدَ فِي الْآرِض وَحَارَبَ وَكَلَّمَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْش أَنْ يَسْتَأْمِنُوا لَهُ عَلِيًّا فَأَبَوْا ، فَأَتَى سَعِيد بْن قَيْس الْهَمْدَانِيَّ ، فَأَتَى عَلِيًّا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّه وَرَسُوله وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْض فَسَادًا ؟ قَالَ : أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّع أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ مِنْ خِلَاف أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْض ثُمَّ قَالَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ سَعِيد وَإِنْ كَانَ حَارِثَة بْن بَدْر ، فَقَالَ هَذَا حَارِثَة بْن بَدْر قَدْ جَاءَ تَائِبًا فَهُوَ آمِن قَالَ نَعَمْ ، قَالَ فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ فَبَايَعَهُ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَتَبَ لَهُ أَمَانًا .
وَأَخْرَجَ أَيْضًا اِبْن أَبِي شَيْبَة وَعَبْد بْن حُمَيْدٍ عَنْ الْأَشْعَث عَنْ رَجُل قَالَ صَلَّى رَجُل مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْغَدَاة ثُمَّ قَالَ هَذَا مَقَام الْعَائِذ التَّائِب أَنَا فُلَان بْن فُلَان أَنَا كُنْت مِمَّنْ حَارَبَ اللَّه وَرَسُوله وَجِئْت تَائِبًا مِنْ قَبْل أَنْ يُقْدَر عَلَيَّ ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى إِنَّ فُلَان بْن فُلَان كَانَ مِمَّنْ حَارَبَ اللَّه وَرَسُوله وَجَاءَ تَائِبًا مِنْ قَبْل@

الصفحة 30