كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

فِي تَرْكه وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّوْبِيخِ
( فَاخْتَطَبَ )
: قَالَ الْقَارِي أَيْ بَالَغَ فِي خُطْبَته أَوْ أَظْهَرَ خُطْبَته وَهُوَ أَحْسَن مِنْ قَوْل الشَّارِح أَيْ خَطَبَ اِنْتَهَى .
قُلْت : وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ خَطَبَ
( إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ )
: وَفِي رِوَايَة سُفْيَان عِنْد النَّسَائِيِّ : إِنَّمَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيل
( أَنَّهُمْ )
: أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ
( كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيف تَرَكُوهُ )
: فَلَا يَحُدُّونَهُ
( وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيف أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدّ )
: قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : الظَّاهِر أَنَّ هَذَا الْحَصْر لَيْسَ عَامًّا ، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل كَانَتْ فِيهِمْ أُمُور كَثِيرَة تَقْتَضِي الْإِهْلَاك ، فَيُحْمَل ذَلِكَ عَلَى حَصْر مَخْصُوص وَهُوَ الْإِهْلَاك بِسَبَبِ الْمُحَابَاة فِي الْحُدُود فَلَا يَنْحَصِر فِي حَدّ السَّرِقَة
( لَوْ أَنَّ فَاطِمَة )
: رَضِيَ اللَّه عَنْهَا
( بِنْت مُحَمَّد )
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( سَرَقَتْ لَقَطَعْت يَدهَا )
: وَعِنْد اِبْن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّد بْن رُمْح شَيْخه فِي هَذَا الْحَدِيث سَمِعْت اللَّيْث يَقُول عَقِب هَذَا الْحَدِيث قَدْ أَعَاذَهَا اللَّه مِنْ أَنْ تَسْرِق ، وَكُلّ مُسْلِم يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُول مِثْل هَذَا ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُذْكَر هَذَا الْحَدِيث فِي الِاسْتِدْلَال وَنَحْوه إِلَّا بِهَذِهِ الزِّيَادَة ، وَإِنَّمَا خَصَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَة بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَعَزّ أَهْله عِنْده ، فَأَرَادَ الْمُبَالَغَة فِي تَثْبِيت إِقَامَة الْحَدّ عَلَى كُلّ مُكَلَّف وَتَرْك الْمُحَابَاة فِي ذَلِكَ . وَفِي الْحَدِيث مَنْع الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود وَهُوَ مُقَيَّد بِمَا إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَان .
وَعِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيث الزُّبَيْر مَرْفُوعًا : " اِشْفَعُوا مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى الْوَالِي فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْوَالِي فَعَفَا فَلَا عَفَا اللَّه عَنْهُ " .
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَا أَعْلَم خِلَافًا أَنَّ الشَّفَاعَة فِي ذَوِي الذُّنُوب حَسَنَة @

الصفحة 32