كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَأَحْمَد وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرهمْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هُمْ الْخَوَارِج . قَالَ اِبْن الْقَيِّم فِي إِعْلَام الْمُوَقِّعِينَ : إِذَا سُئِلَ أَحَد عَنْ تَفْسِير آيَة مِنْ كِتَاب اللَّه تَعَالَى أَوْ سُنَّة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجهَا عَنْ ظَاهِرهَا بِوُجُوهِ التَّأْوِيلَات الْفَاسِدَة لِمُوَافَقَةِ نِحْلَته وَهَوَاهُ ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اِسْتَحَقَّ الْمَنْع مِنْ الْإِفْتَاء وَالْحَجْر عَلَيْهِ ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّة الْكَلَام قَدِيمًا وَحَدِيثًا.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ فِي الرِّسَالَة النِّظَامِيَّة : ذَهَبَ أَئِمَّة السَّلَف إِلَى الِانْكِفَاف عَنْ التَّأْوِيل وَإِجْرَاء الظَّوَاهِر عَلَى مَوَارِدهَا وَتَفْوِيض مَعَانِيهَا إِلَى الرَّبّ تَعَالَى ، وَاَلَّذِي نَرْتَضِيه رَأَيْنَا وَنَدِين اللَّه بِهِ اِتِّبَاع سَلَف الْأُمَّة ، وَقَدْ دَرَج صَحَابَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَرْك التَّعَرُّض بِمَعَانِيهَا وَدَرْك مَا فِيهَا وَهُمْ صَفْوَة الْإِسْلَام ، وَكَانُوا لَا يَأْلُونَ جَهْدًا فِي ضَبْط قَوَاعِد الْمِلَّة وَالتَّوَاصِي بِحِفْظِهَا وَتَعْلِيم النَّاس مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَمِنْهَا وَلَوْ كَانَ تَأْوِيل هَذِهِ الظَّوَاهِر مُسَوَّغًا أَوْ مَحْبُوبًا لَأَوْشَكَ أَنْ يَكُون اِهْتِمَامهمْ بِهَا فَوْق اِهْتِمَامهمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَة ، وَإِذَا اِنْصَرَمَ عَصْرهمْ وَعَصْر التَّابِعِينَ عَلَى الْإِضْرَاب عَنْ التَّأْوِيل كَانَ ذَلِكَ قَاطِعًا بِأَنَّهُ الْوَجْه الْمُتَّبَع ، فَحَقٌّ عَلَى ذِي الدِّين أَنْ يَعْتَقِد تَنَزُّه الْبَارِي عَنْ صِفَات الْمُحَدِّثِينَ وَلَا يَخُوض فِي تَأْوِيل الْمُشْكِلَات وَيَكِل مَعْنَاهَا إِلَى الرَّبّ تَعَالَى اِنْتَهَى كَذَا فِي فَتْح الْبَيَان ، وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ .@

الصفحة 349