كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

3989 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا أُلْفِيَنَّ )
: أَيْ لَا أَجِدَنَّ مِنْ أَلْفَيْته وَجَدْته
( مُتَّكِئًا )
: حَال
( عَلَى أَرِيكَته )
: أَيْ سَرِيره الْمُزَيَّن
( يَأْتِيه الْأَمْر )
: أَيْ الشَّأْن مِنْ شُئُون الدِّين
( مِنْ أَمْرِي )
: بَيَان الْأَمْر ، وَقِيلَ اللَّازِم فِي الْأَمْر زَائِدَة وَمَعْنَاهُ أَمْر مِنْ أَمْرِي
( مِمَّا أَمَرْت بِهِ أَوْ نَهَيْت عَنْهُ )
: بَيَان أَمْرِي
( لَا نَدْرِي )
: أَيْ لَا نَعْلَم غَيْر الْقُرْآن وَلَا أَتَّبِع غَيْره
( مَا وَجَدْنَا فِي كِتَاب اللَّه اِتَّبَعْنَاهُ )
: مَا مَوْصُولَة أَيْ الَّذِي وَجَدْنَاهُ فِي الْقُرْآن اِتَّبَعْنَاهُ وَعَمِلْنَا بِهِ . وَلَقَدْ ظَهَرَتْ مُعْجِزَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ ، فَإِنَّ رَجُلًا خَرَجَ مِنْ الفنجاب مِنْ إِقْلِيم الْهِنْد وَانْتَسَبَ نَفْسه بِأَهْلِ الْقُرْآن وَشَتَّانَ بَيْنه وَبَيْن أَهْل الْقُرْآن بَلْ هُوَ مِنْ أَهْل الْإِلْحَاد وَالْمُرْتَدِّينَ ، وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ مِنْ الصَّالِحِينَ فَأَضَلَّهُ الشَّيْطَان وَأَغْوَاهُ وَأَبْعَدَهُ عَنْ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم ، فَتَفَوَّهَ بِمَا لَا يَتَكَلَّم بِهِ أَهْل الْإِسْلَام ، فَأَطَالَ لِسَانه فِي إِهَانَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَدَّ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِأَسْرِهَا وَقَالَ هَذِهِ كُلّهَا مَكْذُوبَة وَمُفْتَرَيَات عَلَى اللَّه تَعَالَى ، وَإِنَّمَا يَجِب الْعَمَل عَلَى الْقُرْآن الْعَظِيم فَقَطْ دُون أَحَادِيث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَة مُتَوَاتِرَة ، وَمَنْ عَمِلَ عَلَى غَيْر الْقُرْآن فَهُوَ دَاخِل تَحْت قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } : وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَقْوَاله الْكُفْرِيَّة ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ كَثِير مِنْ الْجُهَّال وَجَعَلَهُ إِمَامًا ، وَقَدْ أَفْتَى عُلَمَاء الْعَصْر بِكُفْرِهِ وَإِلْحَاده وَخُرُوجه عَنْ دَائِرَة الْإِسْلَام ، وَالْأَمْر كَمَا قَالُوا وَاَللَّه أَعْلَم . وَأَيْضًا فِي الْحَدِيثَيْنِ تَوْبِيخ مِنْ غَضَب عَظِيم عَلَى مَنْ تَرَكَ السُّنَّة اِسْتِغْنَاء عَنْهَا بِالْكِتَابِ فَكَيْف بِمَنْ رَجَّحَ الرَّأْي عَلَيْهَا أَوْ قَالَ لَا عَلَيَّ أَنْ أَعْمَل بِهَا فَإِنَّ لِي مَذْهَبًا أَتَّبِعهُ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضهمْ رَوَاهُ مُرْسَلًا.@

الصفحة 357