كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

ولو ثبت أن جاحد العارية لا يسمي سارقا لكان قطعه بهذا الحديث جاريا على وفق القياس
فإن ضرره مثل ضرر السارق أو أكثر إذ يمكن الاحتراز من السارق بالإحراز والحفظ
وأما العارية فالحاجة الشديدة التي تبلغ الضرورة ماسة إليها وحاجة الناس فيما بينهم إليها من أشد الحاجات ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى وجوبها وهو مذهب كثير من الصحابة والتابعين وأحد القولين في مذهب أحمد
فترتيب القطع على جاحدها طريق إلى حفظ أموال الناس وترك الباب هذا المعروف مفتوحا
وأما إذا علم أن الجاحد لا يقطع فإنه يفضي إلى سد باب العارية في الغالب
وسر المسألة أن السارق إنما قطع دون المنتهب والمختلس لأنه لا يمكن التحرز منه بخلاف المنتهب والمختلس فإنه إنما يفعل ذلك عند عدم احتراز المالك
وقد ذكرنا أن العارية فيما بين الناس أمر تدعو إليه الحاجة فلا يمكن سده والاحتراز منه فكان قطع اليد في جنايته كقطعها في جناية السرقة وبالله التوفيق

الصفحة 36