كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)
الْوُجُود كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مِثْل مَفْحَص قَطَاة بَنَى اللَّه لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة " وَقَدْر مَفْحَص الْقَطَاة لَا يَكُون مَسْجِدًا لِشَخْصٍ آدَمِي ، وَنَظَائِر هَذَا الْكَلَام كَثِير
( وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ )
: جَمْع نَاجِذَة بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة ، قِيلَ هُوَ الضِّرْس الْأَخِير ، وَقِيلَ هُوَ مُرَادِف السِّنّ وَهُوَ كِنَايَة عَنْ شِدَّة مُلَازَمَة السُّنَّة وَالتَّمَسُّك بِهَا .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ يَكُون مَعْنَاهُ أَيْضًا الْأَمْر بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يُصِيبهُ مِنْ الْمَضَض فِي ذَات اللَّه كَمَا يَفْعَلهُ الْمُتَأَلِّم بِالْوَجَعِ يُصِيبهُ
( وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَات الْأُمُور إِلَخْ )
: قَالَ الْحَافِظ اِبْن رَجَب فِي كِتَاب جَامِع الْعُلُوم وَالْحِكَم : فِيهِ تَحْذِير لِلْأُمَّةِ مِنْ اِتِّبَاع الْأُمُور الْمُحْدَثَة الْمُبْتَدَعَة وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " كُلّ بِدْعَة ضَلَالَة " وَالْمُرَاد بِالْبِدْعَةِ مَا أُحْدِثَ مِمَّا لَا أَصْل لَهُ فِي الشَّرِيعَة يَدُلّ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا مَا كَانَ لَهُ أَصْل مِنْ الشَّرْع يَدُلّ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ بِدْعَة لُغَة ، فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كُلّ بِدْعَة ضَلَالَة " مِنْ جَوَامِع الْكَلِم لَا يَخْرُج عَنْهُ شَيْء ، وَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول الدِّين وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي كَلَام السَّلَف مِنْ اِسْتِحْسَان بَعْض الْبِدَع فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْبِدَع اللُّغَوِيَّة لَا الشَّرْعِيَّة ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْل عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي التَّرَاوِيح " نِعْمَتْ الْبِدْعَة هَذِهِ " وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ " إِنْ كَانَتْ هَذِهِ بِدْعَة فَنِعْمَتْ الْبِدْعَة " وَمِنْ ذَلِكَ أَذَان الْجُمُعَة الْأَوَّل زَادَهُ عُثْمَان لِحَاجَةِ النَّاس إِلَيْهِ وَأَقَرَّهُ عَلِيّ وَاسْتَمَرَّ عَمَل الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : " هُوَ بِدْعَة " وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ، مَا أَرَادَ أَبُوهُ فِي التَّرَاوِيح اِنْتَهَى مُلَخَّصًا .@
الصفحة 360