كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

لِعِبَادِهِ دِينهمْ وَأَتَمَّ عَلَيْهِمْ نِعْمَته وَرَضِيَ لَهُمْ الْإِسْلَام دِينًا فَلَمْ يَتْرُك إِلَيْهِمْ حَاجَة لِلْعِبَادِ فِي أَنْ يُحْدِثُوا لَهُمْ فِي دِينهمْ أَيْ يَزِيدُوا عَلَيْهِ شَيْئًا أَوْ يَنْقُصُوا مِنْهُ شَيْئًا ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " شَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتهَا "
( فَعَلَيْك )
: أَيّهَا الْمُخَاطَب
( بِلُزُومِ السُّنَّة )
: أَيْ سُنَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَرِيقَته
( فَإِنَّهَا )
: أَيْ السُّنَّة أَيْ لُزُومهَا
( لَك بِإِذْنِ اللَّه عِصْمَة )
: مِنْ الضَّلَالَة وَالْمُهْلِكَات وَعَذَاب اللَّه تَعَالَى وَنِقْمَته
( ثُمَّ اِعْلَمْ )
: أَيّهَا الْمُخَاطَب
( أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِع النَّاس بِدْعَة إِلَّا قَدْ مَضَى )
: فِي الْكِتَاب أَوْ السُّنَّة
( قَبْلهَا )
: أَيْ قَبْل تِلْكَ الْبِدْعَة
( مَا هُوَ دَلِيل عَلَيْهَا )
: أَيْ عَلَى تِلْكَ الْبِدْعَة أَيْ عَلَى أَنَّهَا بِدْعَة وَضَلَالَة
( أَوْ )
: مَضَى فِي الْكِتَاب أَوْ السُّنَّة قَبْلهَا مَا هُوَ
( عِبْرَة فِيهَا )
: أَيْ فِي تِلْكَ الْبِدْعَة أَيْ فِي أَنَّهَا بِدْعَة وَضَلَالَة .
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ
( فَإِنَّ السُّنَّة إِنَّمَا سَنَّهَا )
: أَيْ وَضَعَهَا
( مَنْ )
: هُوَ اللَّه تَعَالَى ، أَوْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قَدْ عَلِمَ مَا فِي خِلَافهَا )
: أَيْ خِلَاف السُّنَّة أَيْ الْبِدْعَة
( وَلَمْ يَقُلْ اِبْن كَثِير )
: هُوَ مُحَمَّد أَحَد شُيُوخ الْمُؤَلِّف فِي هَذَا الْحَدِيث لَفْظ
( مَنْ قَدْ عَلِمَ )
: وَإِنَّمَا قَالَهُ الرَّبِيع وَهَنَّاد ، وَأَمَّا مُحَمَّد بْن كَثِير فَقَالَ مَكَانه لَفْظًا آخَر بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يَذْكُر الْمُؤَلِّف ذَلِكَ اللَّفْظ وَاَللَّه أَعْلَم
( مِنْ الْخَطَأ وَالزَّلَل وَالْحُمْق وَالتَّعَمُّق )
: بَيَان لِمَا فِي خِلَافهَا ، فَإِذَا كَانَتْ السُّنَّة إِنَّمَا سَنَّهَا وَوَضَعَهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ مَا فِي خِلَافهَا مِنْ الْخَطَأ وَالزَّلَل وَالْحُمْق وَالتَّعَمُّق وَهُوَ اللَّه تَعَالَى أَوْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْف يُتْرَك بَيَان مَا فِي خِلَافهَا فِي كِتَابه أَوْ سُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مِمَّا لَا يَصِحّ وَالتَّعَمُّق الْمُبَالَغَة فِي الْأَمْر.
قَالَ فِي النِّهَايَة : الْمُتَعَمِّق الْمُبَالِغ فِي الْأَمْر الْمُتَشَدَّد فِيهِ الَّذِي يَطْلُب أَقْصَى غَايَته .@

الصفحة 367