كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)
قُلْت : بَلْ الثَّلَاثُونَ سَنَة هِيَ مُدَّة الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة كَمَا حَرَّرْته فَمُدَّة خِلَافَة أَبِي بَكْر سَنَتَانِ وَثَلَاثَة أَشْهُر وَعَشْرَة أَيَّام ، وَمُدَّة عُمَر عَشْر سِنِينَ وَسِتَّة أَشْهُر وَثَمَانِيَة أَيَّام ، وَمُدَّة عُثْمَان أَحَد عَشَرَ سَنَة وَأَحَد عَشَرَ شَهْرًا وَتِسْعَة أَيَّام وَمُدَّة خِلَافَة عَلِيّ أَرْبَع سِنِينَ وَتِسْعَة أَشْهُر وَسَبْعَة أَيَّام . هَذَا هُوَ التَّحْرِير فَلَعَلَّهُمْ أَلْغَوْا الْأَيَّام وَبَعْض الشُّهُور .
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي تَهْذِيب الْأَسْمَاء : مُدَّة خِلَافَة عُمَر عَشْر سِنِينَ وَخَمْسَة أَشْهُر وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، وَعُثْمَان ثِنْتَيْ عَشْرَة سَنَة إِلَّا سِتّ لَيَالٍ ، وَعَلِيّ خَمْس سِنِينَ وَقِيلَ خَمْس سِنِينَ إِلَّا أَشْهُرًا ، وَالْحَسَن نَحْو سَبْعَة أَشْهُر اِنْتَهَى كَلَام النَّوَوِيّ وَالْأَمْر فِي ذَلِكَ سَهْل . هَذَا آخِر كَلَام الْعَلْقَمِيّ.
( ثُمَّ يُؤْتِي اللَّه الْمُلْك أَوْ مُلْكه مَنْ يَشَاء )
: شَكّ مِنْ الرَّاوِي . وَعِنْد أَحْمَد فِي مُسْنَده مِنْ حَدِيث سَفِينَة " الْخِلَافَة فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ سَنَة ثُمَّ مُلْكًا بَعْد ذَلِكَ . قَالَ الْمُنَاوِيُّ : أَيْ بَعْد اِنْقِضَاء زَمَان خِلَافَة النُّبُوَّة يَكُون مُلْكًا لِأَنَّ اِسْم الْخِلَافَة إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم بِعَمَلِهِ لِلسُّنَّةِ وَالْمُخَالِفُونَ مُلُوك لَا خُلَفَاء ، وَإِنَّمَا تَسَمَّوْا بِالْخُلَفَاءِ لِخُلْفِهِمْ الْمَاضِي.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَل عَنْ سَفِينَة : " أَنَّ أَوَّل الْمُلُوك مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " وَالْمُرَاد بِخِلَافَةِ النُّبُوَّة هِيَ الْخِلَافَة الْكَامِلَة وَهِيَ مُنْحَصِرَة فِي الْخَمْسَة فَلَا يُعَارَض الْحَدِيث " لَا يَزَال هَذَا الدِّين قَائِمًا حَتَّى يَمْلِك اِثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَة " لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ مُطْلَق الْخِلَافَة وَاَللَّه أَعْلَم . اِنْتَهَى كَلَامه بِتَغَيُّرٍ
( أَمْسِكْ عَلَيْك أَبَا بَكْر سَنَتَيْنِ )
: أَيْ عُدَّهُ وَاحْسِبْ مُدَّة خِلَافَته
( وَعَلِيّ كَذَا )
: أَيْ كَذَا عُدَّ خِلَافَته وَكَانَ هُوَ مِنْ الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ ، وَلَمْ يَذْكُر سَفِينَة مُدَّة خِلَافَة عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . وَتَقَدَّمَ ذِكْر مُدَّة الْخِلَافَة لِهَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء وَاَللَّه أَعْلَم .@
الصفحة 398