كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

طَائِفَة الْحَسَن وَطَائِفَة مُعَاوِيَة وَكَانَ الْحَسَن رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَلِيمًا فَاضِلًا وَرِعًا دَعَاهُ وَرَعه إِلَى أَنَّ تَرْك الْمُلْك رَغْبَة فِيمَا عِنْد اللَّه تَعَالَى لَا لِقِلَّةٍ وَلَا لِعِلَّةٍ ، فَإِنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بَايَعَهُ أَكْثَر مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَبَقِيَ خَلِيفَة بِالْعِرَاقِ وَمَا وَرَاءَهَا مِنْ خُرَاسَان سِتَّة أَشْهُر وَأَيَّامًا ثُمَّ سَارَ إِلَى مُعَاوِيَة فِي أَهْل الْحِجَاز وَسَارَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فِي أَهْل الشَّام ، فَلَمَّا اِلْتَقَى الْجَمْعَانِ بِمَنْزِلٍ مِنْ أَرْض الْكُوفَة وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فِي الصُّلْح أَجَابَ عَلَى شُرُوط مِنْهَا أَنْ يَكُون لَهُ الْأَمْر بَعْده ، وَأَنْ يَكُون لَهُ مِنْ الْمَال مَا يَكْفِيه فِي كُلّ عَام كَذَا فِي السِّرَاج الْمُنِير
( وَقَالَ عَنْ حَمَّاد )
: وَفِي بَعْض النُّسَخ فِي حَدِيث حَمَّاد مَكَان عَنْ حَمَّاد
( وَلَعَلَّ اللَّه أَنْ يُصْلِح بِهِ )
: أَيْ بِسَبَبِ تَكَرُّمه وَعَزْله نَفْسه عَنْ الْأَمْر وَتَرْكه لِمُعَاوِيَةَ اِخْتِيَارًا
( بَيْن فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ )
: فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَخْرُج بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْفِتْنَة مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُمْ كُلّهمْ مُسْلِمِينَ مَعَ كَوْن إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مُصِيبَة وَالْأُخْرَى مُخْطِئَة ، وَهَكَذَا سَبِيل كُلّ مُتَأَوِّل فِيمَا يَتَعَاطَاهُ مِنْ رَأْي وَمَذْهَب إِذَا كَانَ لَهُ فِيمَا تَنَاوَلَهُ شُبْهَة ، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ .
وَاخْتَارَ السَّلَف تَرْك الْكَلَام فِي الْفِتْنَة الْأُولَى وَقَالُوا تِلْكَ دِمَاء طَهَّرَ اللَّه عَنْهَا أَيْدِينَا فَلَا نُلَوِّث بِهِ أَلْسِنَتنَا كَذَا فِي الْمِرْقَاة نَقْلًا عَنْ شَرْح السُّنَّة .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَفِي إِسْنَاده عَلِيّ بْن زَيْد بْن جَدْعَان رَوَاهُ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَلَا يُحْتَجّ بِهِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث سَعِيد بْن عَبْد الْمَلِك الْحُمْرَانِيّ عَنْ الْحَسَن وَقَدْ اِسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيّ وَوَثَّقَهُ غَيْر وَاحِد ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي مُوسَى إِسْرَائِيل بْن مُوسَى عَنْ الْحَسَن .
4044 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ مُحَمَّد )
: هُوَ اِبْن سِيرِينَ
( إِلَّا أَنَا أَخَافهَا عَلَيْهِ )
: أَيْ أَخَاف مَضَرَّة@

الصفحة 420