كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)
وَجَاءَ فِي بَعْض الرِّوَايَات " يَكُون أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَيَخْرُج مِنْ بَيْنهمَا مَارِقَة يَلِي قَتْلهمْ أَوْلَاهُمْ بِالْحَقِّ " .
قَالَ الطِّيبِيُّ : قَوْله يَلِي صِفَة مَارِقَة أَيْ يُبَاشِرهُ قَتْل الْخَوَارِج أَوْلَى أُمَّتِي بِالْحَقِّ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : اِجْمَعُوا أَنَّ الْخَوَارِج عَلَى ضَلَالَتهمْ فِرْقَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَجُوز مُنَاكَحَتهمْ وَذَبْحهمْ وَشَهَادَتهمْ كَذَا فِي الْمَجْمَع
( عِنْد فِرْقَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ )
: أَيْ عِنْد اِفْتِرَاق الْمُسْلِمِينَ وَاخْتِلَافهمْ فِيمَا بَيْنهمْ .
وَقَدْ وَقَعَ الْأَمْر كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ فِي سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْع وَثَلَاثِينَ وَقَعَتْ الْمُقَاتَلَة بَيْن عَلِيّ وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَبَيْن عَلِيّ وَمُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ، وَكَانَ عَلِيّ أَمَامًا حَقًّا فَخَرَجَتْ الْخَوَارِج مِنْ نَهْرَوَان وَكَانَ إِمَامهمْ ذَا الثِّدْيَة الْخَارِجِيّ فَقَاتَلَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَعَهُمْ
( يَقْتُلهَا )
: أَيْ الْمَارِقَة وَهِيَ الْخَوَارِج
( أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ )
: مُتَعَلِّق بِأَوْلَى أَيْ أَقْرَب الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَالصَّوَاب ، وَهُوَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ .
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَة الْأُخْرَى مِنْ الصَّحَابَة وَمَنْ كَانَ مَعَهَا الَّتِي قَاتَلَتْ عَلِيًّا مَا كَانَتْ عَلَى الْحَقّ . وَأَمَّا الْمَارِقَة إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ الْفِرَق الْبَاطِلَة لَا مِنْهُمَا ، وَاَللَّه أَعْلَم . وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
4048 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا تُخَيِّرُوا بَيْن الْأَنْبِيَاء )
: يَعْنِي لَا تُفَضِّلُوا بَعْضهمْ عَلَى بَعْض مِنْ عِنْد أَنْفُسكُمْ أَوْ مَعْنَاهُ لَا تُفَضِّلُوا يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيص الْمَفْضُول مِنْهُمْ وَالْإِزْرَاء بِهِ وَهُوَ@
الصفحة 424