كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)
تَسْتَحِقّ أَنْ تُحَدّ حَدّ الْقَذْف فَلَعَلَّ الْمُرَاد فَلَمَّا قَارَبَ أَنْ يَأْمُر بِهِ وَذَلِكَ قَالَهُ الرَّاوِي نَظَرًا إِلَى ظَاهِر الْأَمْر حَيْثُ إنَّهُمْ أَحْضَرُوهُ فِي الْمُحْكَم عَنْ الْإِمَام وَالْإِمَام اِشْتَغَلَ بِالتَّفْتِيشِ عَنْ حَاله وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم . كَذَا فِي فَتْح الْوَدُود
( أَنَا صَاحِبهَا )
: أَيْ أَنَا الَّذِي جَلَّلْتهَا وَقَضَيْت حَاجَتِي مِنْهَا لَا الَّذِي أَتَوْا بِهِ
( فَقَالَ )
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( لَهَا )
: أَيْ لِلْمَرْأَةِ
( فَقَدْ غَفَرَ اللَّه لَك )
: لِكَوْنِهَا مُكْرَهَة
( وَقَالَ لِلرَّجُلِ )
: أَيْ الَّذِي أَتَوْا بِهِ
( يَعْنِي الرَّجُل الْمَأْخُوذ )
: وَالْمُرَاد بِالرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا حَسَنًا هُوَ الرَّجُل الْمَأْخُوذ الَّذِي أَتَوْا بِهِ
( اُرْجُمُوهُ )
: أَيْ فَرَجَمُوهُ لِكَوْنِهِ مُحْصَنًا
( لَقَدْ تَابَ تَوْبَة )
: أَيْ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ بِإِجْرَاءِ حَدّه
( لَوْ تَابَهَا )
: أَيْ لَوْ تَابَ مِثْل تَوْبَته
( أَهْل الْمَدِينَة )
: أَيْ أَهْل بَلَد فِيهِمْ عَشَّار وَغَيْره مِنْ الظَّلَمَة قَالَهُ الْقَارِي
( لَقُبِلَ مِنْهُمْ )
: وَقَالَ اِبْن الْمَلَك لَوْ قُسِمَ هَذَا الْمِقْدَار مِنْ التَّوْبَة عَلَى أَهْل الْمَدِينَة لَكَفَاهُمْ اِنْتَهَى .
قَالَ الْقَارِي : وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ تَحْته شَيْء مِنْ الْمَعْنَى ، فَإِنَّ التَّوْبَة غَيْر قَابِلَة لِلْقِسْمَةِ وَالتَّجْزِئَة ، فَأَمَّا مَا وَرَدَ اِسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْن مَالِك لَقَدْ تَابَ تَوْبَة لَوْ قُسِمَتْ بَيْن أُمَّة لَوَسِعَتْهُمْ فَلَعَلَّهُ مَحْمُول عَلَى الْمُبَالَغَة ، أَوْ عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَا اِنْتَهَى .
قُلْت : مَا قَالَ اِبْن الْمَلَك هُوَ الظَّاهِر ، وَيُؤَيِّدهُ ظَاهِر قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَاعِز : " لَقَدْ تَابَ تَوْبَة لَوْ قُسِمَتْ " إِلَخْ ، وَأَمَّا مَا زَعَمَ الْقَارِي مِنْ أَنَّ التَّوْبَة غَيْر قَابِلَة لِلْقِسْمَةِ فَفِيهِ نَظَر كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّل ، وَلَا حَاجَة إِلَى التَّأْوِيل مَعَ @
الصفحة 43