كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

: أَيْ تُعْدَل بِشَهَادَةِ رَجُل
( وَتُقِيم أَيَّامًا )
: أَيْ أَيَّام الْحَيْض وَالنِّفَاس
( لَا تُصَلِّي )
: أَيْ فِي تِلْكَ الْأَيَّام.
قَالَ النَّوَوِيّ : وَصَفَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاء نُقْصَان الدِّين لِتَرْكِهِنَّ الصَّلَاة وَالصَّوْم فِي زَمَن الْحَيْض قَدْ يَسْتَشْكِل مَعْنَاهُ وَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ بَلْ هُوَ ظَاهِر ، فَإِنَّ الدِّين وَالْإِيمَان وَالْإِسْلَام مُشْتَرِكَة فِي مَعْنَى وَاحِد ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الطَّاعَات تُسَمَّى إِيمَانًا وَدِينًا ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ كَثُرَتْ عِبَادَته زَادَ إِيمَانه وَدِينه ، وَمَنْ نَقَصَتْ عِبَادَته نَقَصَ دِينه ، ثُمَّ نَقْص الدِّين قَدْ يَكُون عَلَى وَجْه يَأْثَم بِهِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاة أَوْ غَيْرهَا مِنْ الْعِبَادَات الْوَاجِبَة عَلَيْهِ بِلَا عُذْر ، وَقَدْ يَكُون عَلَى وَجْه لَا إِثْم فِيهِ كَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَة أَوْ غَيْرهَا مِمَّا لَا يَجِب عَلَيْهِ الْعُذْر ، وَقَدْ يَكُون عَلَى وَجْه هُوَ مُكَلَّف بِهِ كَتَرْكِ الْحَائِض الصَّلَاة وَالصَّوْم . اِنْتَهَى كَلَام النَّوَوِيّ . وَبِهَذَا الْكَلَام ظَهَرَ أَيْضًا وَجْه مُنَاسَبَة الْحَدِيث بِالْبَابِ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَابْن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم مِنْ حَدِيث عِيَاض بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن أَبِي سَرَح عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ.
4062 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَكْمَل الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنهمْ خُلُقًا )
: بِضَمِّ اللَّام . قَالَ اِبْن رَسْلَان : وَهُوَ عِبَارَة عَنْ أَوْصَاف الْإِنْسَان الَّتِي يُعَامِل بِهَا غَيْره ، وَهِيَ مُنْقَسِمَة إِلَى مَحْمُودَة وَمَذْمُومَة ، فَالْمَحْمُودَة مِنْهَا صِفَات الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء وَالصَّالِحِينَ كَالصَّبْرِ عِنْد الْمَكَارِه وَالْحَمْل عِنْد الْجَفَا وَحَمْل الْأَذَى وَالْإِحْسَان لِلنَّاسِ وَالتَّوَدُّد إِلَيْهِمْ وَالرَّحْمَة بِهِمْ وَالشَّفَقَة عَلَيْهِمْ ، وَاللِّين فِي الْقَوْل وَمُجَانَبَة الْمَفَاسِد وَالشُّرُور وَغَيْر ذَلِكَ . قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : حَقِيقَة حُسْن الْخُلُق بَذْل الْمَعْرُوف ، وَكَفّ الْأَذَى وَطَلَاقَة الْوَجْه .@

الصفحة 439