كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

الْمُسْلِم قَدْ يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْض الْأَحْوَال وَلَا يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْضهَا وَالْمُؤْمِن مُسْلِم فِي جَمِيع الْأَحْوَال ، فَكُلّ مُؤْمِن مُسْلِم وَلَيْسَ كُلّ مُسْلِم مُؤْمِنًا . فَإِذَا حَمَلْت الْأَمْر عَلَى هَذَا اِسْتَقَامَ لَك تَأْوِيل الْآيَات وَاعْتَدَلَ الْقَوْل فِيهَا وَلَمْ يَخْتَلِف شَيْء مِنْهَا. وَأَصْل الْإِيمَان التَّصْدِيق وَأَصْل الْإِسْلَام الِاسْتِسْلَام وَالِانْقِيَاد ، وَقَدْ يَكُون الْمَرْء مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِر غَيْر مُنْقَاد فِي الْبَاطِن وَلَا مُصَدَّق ، وَقَدْ يَكُون صَادِق الْبَاطِن غَيْر مُنْقَاد فِي الظَّاهِر اِنْتَهَى . وَحَاصِل مَا صَحَّحَهُ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ النِّسْبَة بَيْن الْمُؤْمِن وَالْمُسْلِم عُمُوم وَخُصُوص مُطْلَق .
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
4066 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا إِلَخْ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا يُتَأَوَّل عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنْ يَكُون مَعْنَى الْكُفَّار الْمُتَكَفِّرِينَ بِالسِّلَاحِ ، يُقَال تَكَفَّرَ الرَّجُل بِسِلَاحِهِ إِذَا لَبِسَهُ فَكَفَرَ نَفْسه أَيْ سَتَرَهَا ، وَأَصْل الْكُفْر السَّتْر . وَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي فِرَقًا مُخْتَلِفِينَ يَضْرِب بَعْضكُمْ رِقَاب بَعْض فَتَكُونُوا فِي ذَلِكَ مُضَاهِينَ لِلْكُفَّارِ ، فَإِنَّ الْكُفَّار مُتَعَادُونَ يَضْرِب بَعْضهمْ رِقَاب بَعْض وَالْمُسْلِمُونَ مُتَوَاخُونَ يَحْقِن بَعْضهمْ دَم بَعْض . وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بْن فِرَاس قَالَ : سَأَلْت مُوسَى بْن هَارُون عَنْ هَذَا فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَهْل الرِّدَّة قَتَلَهُمْ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا .@

الصفحة 442