كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاء قَدْ بَيَّنُوا لِلْحَدِيثِ السَّابِق تَأْوِيلَات كَثِيرَة وَهَذِهِ إِحْدَاهَا وَهُوَ أَنَّهُ يُسْلَب الْإِيمَان حَال تَلَبُّس الرِّجَال بِالزِّنَا ، فَإِذَا فَارَقَهُ عَادَ إِلَيْهِ .
وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي بَاب إِثْم الزِّنَا مِنْ كِتَاب الْمُحَارِبِينَ قَالَ عِكْرِمَة : " قُلْت لِابْنِ عَبَّاس كَيْف يُنْزَع مِنْهُ الْإِيمَان ؟ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْن أَصَابِعه ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِذَا تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْن أَصَابِعه " وَأَخْرَجَ الْحَاكِم مِنْ طَرِيق اِبْن حُجَيْرَة أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة يَقُول " مَنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ الْخَمْر نَزَعَ اللَّه مِنْهُ الْإِيمَان كَمَا يَخْلَع الْإِنْسَان الْقَمِيص مِنْ رَأْسه " كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي . وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
بِفَتْحِ الدَّال وَيُسَكَّن .
قَالَ فِي شَرْح السُّنَّة : الْإِيمَان بِالْقَدَرِ فَرْض لَازِم وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِد أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَالِق أَعْمَال الْعِبَاد خَيْرهَا وَشَرّهَا وَكَتَبَهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ قَبْل أَنْ خَلَقَهُمْ ، وَالْكُلّ بِقَضَائِهِ وَقَدَره وَإِرَادَته وَمَشِيئَته غَيْر أَنَّهُ يَرْضَى الْإِيمَان وَالطَّاعَة وَوَعَدَ عَلَيْهِمَا الثَّوَاب ، وَلَا يَرْضَى الْكُفْر وَالْمَعْصِيَة وَأَوْعَدَ عَلَيْهِمَا الْعِقَاب وَالْقَدَر سِرّ مِنْ أَسْرَار اللَّه تَعَالَى لَمْ يُطْلِع عَلَيْهِ مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا ، وَلَا يَجُوز الْخَوْض فِيهِ وَالْبَحْث عَنْهُ بِطَرِيقِ الْعَقْل بَلْ يَجِب أَنْ يَعْتَقِد أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْق فَجَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَة خَلَقَهُمْ لِلنَّعِيمِ فَضْلًا وَفِرْقَة لِلْجَحِيمِ عَدْلًا .@

الصفحة 452