كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

4071 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( الْقَدَرِيَّة مَجُوس هَذِهِ الْأُمَّة )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : إِنَّمَا جَعَلَهُمْ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ مَذْهَبهمْ مَذَاهِب الْمَجُوس فِي قَوْلهمْ بِالْأَصْلَيْنِ وَهُمَا النُّور وَالظُّلْمَة يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَيْر مِنْ فِعْل النُّور وَالشَّرّ مِنْ فِعْل الظُّلْمَة ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّة يُضِيفُونَ الْخَيْر إِلَى اللَّه وَالشَّرّ إِلَى غَيْره ، وَاَللَّه سُبْحَانه خَالِق الْخَيْر وَالشَّرّ لَا يَكُون شَيْء مِنْهُمَا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ . وَخَلْقه الشَّرّ شَرًّا فِي الْحِكْمَة كَخَلْقِهِ الْخَيْر خَيْرًا ، فَإِنَّ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا مُضَافَانِ إِلَيْهِ خَلْقًا وَإِيجَادًا ، وَإِلَى الْفَاعِلِينَ لَهُمَا فِعْلًا وَاكْتِسَابًا اِنْتَهَى
( وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ )
: أَيْ لَا تَحْضُرُوا جِنَازَتهمْ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هَذَا مُنْقَطِع . أَبُو حَازِم سَلَمَة بْن دِينَار لَمْ يَسْمَع مِنْ اِبْن عُمَر ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ طُرُق عَنْ اِبْن عُمَر لَيْسَ مِنْهَا شَيْء مُثْبَت اِنْتَهَى .
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاة الصُّعُود : هَذَا أَحَد الْأَحَادِيث الَّتِي اِنْتَقَدَهَا الْحَافِظ سِرَاج الدِّين الْقَزْوِينِيّ عَلَى الْمَصَابِيح وَزَعَمَ أَنَّهُ مَوْضُوع .
وَقَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِيمَا تَعَقَّبَهُ عَلَيْهِ : هَذَا الْحَدِيث حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم وَرِجَاله مِنْ رِجَال الصَّحِيح إِلَّا أَنَّ لَهُ عِلَّتَيْنِ : الْأُولَى : الِاخْتِلَاف فِي بَعْض رُوَاته عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم وَهُوَ زَكَرِيَّا بْن مَنْظُور فَرَوَاهُ عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم فَقَالَ عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر.
وَالْأُخْرَى مَا ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَغَيْره مِنْ أَنَّ سَنَده مُنْقَطِع لِأَنَّ أَبَا حَاتِم لَمْ يَسْمَع مِنْ اِبْن عُمَر فَالْجَوَاب عَنْ الثَّانِيَة أَنَّ أَبَا الْحَسَن بْن الْقَطَّان الْقَابِسِيّ الْحَافِظ صَحَّحَ سَنَده فَقَالَ إِنَّ أَبَا حَازِم عَاصَرَ اِبْن عُمَر فَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ ، وَمُسْلِم يَكْتَفِي فِي الِاتِّصَال بِالْمُعَاصَرَةِ فَهُوَ صَحِيح عَلَى شَرْطه .
وَعَنْ الْأُولَى بِأَنَّ زَكَرِيَّا وُصِفَ بِالْوَهْمِ فَلَعَلَّهُ وَهَمَ فَأَبْدَلَ رَاوِيًا بِآخَر ، وَعَلَى تَقْدِير أَنْ لَا يَكُون وَهَمَ فَيَكُون لِعَبْدِ الْعَزِيز فِيهِ شَيْخَانِ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا لَا يَسُوغ@

الصفحة 453