كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

أو قذف في أهل القدر قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب
والذي صح عن النبي صلى الله عليه و سلم ذمهم من طوائف أهل البدع هم الخوارج فإنه قد ثبت فيهم الحديث من وجوه كلها صحاح
لأن مقالتهم حدثت في زمن النبي صلى الله عليه و سلم
وكلمة رئيسهم
وأما الارجاء والرفض والقدر والتجهم والحلول وغيرها من البدع فإنها حدثت بعد انقراض عصر الصحابة
وبدعة القدر أدركت آخر عصر الصحابة فأنكرها من كان منهم حيا كعبد الله بن عمر وابن عباس وأمثالهما رضي الله عنهم
وأكثر ما يجىء من ذمتهم فإنما هو موقوف على الصحابة من قولهم فيه
ثم حدثت بدعة الإرجاء بعد انقراض عصر الصحابة فتكلم فيها كبار التابعين الذين أدركوها كما حكيناه عنهم ثم حدثت بدعة التجهم بعد إنقراض عصر التابعين
واستفحل أمرها واستطار شرها في زمن الأئمة كالامام أحمد وذويه
ثم حدثت بعد ذلك بدعة الحلول وظهر أمرها في زمن الحسين الحلاج
وكلما أظهر الشيطان بدعة من هذه البدع وغيرها أقام الله لها من حزبه وجنده من يردها ويحذر
المسلمين منها نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأهل الإسلام
وجعله ميراثا يعرف به حزب رسول الله صلى الله عليه و سلم وولى سننه من حزب البدعة وناصرها
وقد جاء في أثر لا يحضرني إسناده إن لله عند كل بدعة يكاد بها الإسلام وليا ينطق بعلاماته
فأغتنموا تلك المجالس وتوكلوا على الله
فإن الرحمة تنزل عليهم
نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وأن يلحقنا بهم وأن يجعلنا لهم خلفا كما جعلهم لنا سلفا بمنه وكرمه

الصفحة 456