كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

وَهِيَ أَكْلك مِنْ الشَّجَرَة
( اِصْطَفَاك اللَّه )
: أَيْ اِخْتَارَك
( تَلُومنِي )
: بِحَذْفِ هَمْزَة الِاسْتِفْهَام
( عَلَى أَمْر قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْل أَنْ يَخْلُقنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة )
: قَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَوْ فِي صُحُف التَّوْرَاة وَأَلْوَاحهَا ، أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْل خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة . وَلَا يَجُوز أَنْ يُرَاد بِهِ حَقِيقَة الْقَدَر ، فَإِنَّ عِلْم اللَّه تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَاده وَأَرَادَ مِنْ خَلْقه أَزَلِيّ لَا أَوَّل لَهُ اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
( فَحَجَّ آدَم مُوسَى )
: بِرَفْعِ آدَم وَهُوَ فَاعِل أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا . فَإِنْ قِيلَ : فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ : هَذِهِ الْمَعْصِيَة قَدَّرَهَا اللَّه عَلَيَّ لَمْ يَسْقُط عَنْهُ اللَّوْم وَالْعُقُوبَة بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ . فَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَار التَّكْلِيف جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَام الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْعُقُوبَة وَاللَّوْم وَالتَّوْبِيخ وَغَيْرهَا ، وَفِي لَوْمه وَعُقُوبَته زَجْر لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْل هَذَا الْفِعْل وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى الزَّجْر مَا لَمْ يَمُتْ ، فَأَمَّا آدَم فَمَيِّت خَارِج عَنْ دَار التَّكْلِيف وَعَنْ الْحَاجَة إِلَى الزَّجْر فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْل الْمَذْكُور لَهُ فَائِدَة بَلْ فِيهِ إِيذَاء وَتَخْجِيل .
قَالَهُ النَّوَوِيّ :
( قَالَ أَحْمَد بْن صَالِح عَنْ عَمْرو عَنْ طَاوُسٍ )
: وَأَمَّا مُسَدَّد فَقَالَ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار سَمِعَ طَاوُسًا فَفِي رِوَايَة أَحْمَد بِالْعَنْعَنَةِ وَفِي رِوَايَة مُسَدَّد بِلَفْظِ السَّمَاع . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .@

الصفحة 469