كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

ويدل أيضا على أن الفطرة هي فطرة الإسلام ليست الفطرة العامة التي فطر عليها من الشقاوة والسعادة لقوله على هذه الفطرة وقوله على هذه الملة
وسياقه أيضا يدل على أنها هي المرادة لإخباره بأن الأبوين هما اللذان يغيرانها ولو كانت الفطرة هي فطرة الشقاوة والسعادة لقوله على هذه الفطرة لكان الأبوان مقدرين لها
ولأن قراءة قوله تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم عقب الحديث صريح في أن المراد بها فطرة الإسلام ولأن تشبيه المولود في ولادته عليها بالبهيمة الجمعاء وهي الكاملة الخلق ثم تشبيهه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جدعها أهلها فقطعوا أذنها دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة ولأن الفطرة حيث جاءت مطلقة معرفة باللام لا يراد بها إلا فطرة التوحيد والإسلام وهي الفطرة الممدوحة ولهذا جاء في حديث الإسراء لما أخذ النبي صلى الله عليه و سلم اللبن قيل له أصبت الفطرة ولما سمع النبي صلى الله عليه و سلم المؤذن يقول الله أكبر الله أكبر قال على الفطرة وحيث جاءت الفطرة في كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم فالمراد بها فطرة الإسلام لا غير ولم يجيء قط في كلامه مرادا بها فطرة الشقاوة وابتداء الخلقة في موضع واحد
ولفظ الحديث يدل على أنه غير منسوخ وأنه يستحيل فيه النسخ كما قال بعضهم لأنه خبر محض وليس حكما يدخل تحت الأمر والنهي فلا يدخله النسخ

الصفحة 486