كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 12)

4095 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَلَمَّا قَفَّى )
: أَيْ وَلَّى قَفَاهُ مُنْصَرِفًا
( قَالَ )
: أَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار )
: قَالَ النَّوَوِيّ : فِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَة عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَب مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّار ، وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَة قَبْل بُلُوغ الدَّعْوَة ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَغَيْره مِنْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. وَكُلّ مَا وَرَدَ بِإِحْيَاءِ وَالِدَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيمَانهمَا وَنَجَاتهمَا أَكْثَره مَوْضُوع مَكْذُوب مُفْتَرًى ، وَبَعْضه ضَعِيف جِدًّا لَا يَصِحّ بِحَالٍ لِاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث عَلَى وَضْعه كَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْجَوْزَقَانِيّ وَابْن شَاهِين وَالْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر وَابْن نَاصِر وَابْن الْجَوْزِيّ وَالسُّهَيْلِيّ وَالْقُرْطُبِيّ وَالْمُحِبّ الطَّبَرِيّ وَفَتْح الدِّين بْن سَيِّد النَّاس وَإِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ وَجَمَاعَة .
وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَام فِي عَدَم نَجَاة الْوَالِدَيْنِ الْعَلَّامَة إِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ فِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة ، وَالْعَلَّامَة عَلِيّ الْقَارِي فِي شَرْح الْفِقْه الْأَكْبَر وَفِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة ، وَيَشْهَد لِصِحَّةِ هَذَا الْمَسْلَك هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح .
وَالشَّيْخ جَلَال الدِّين السُّيُوطِيّ قَدْ خَالَفَ الْحَافِظ وَالْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمَا الْإِيمَان وَالنَّجَاة فَصَنَّفَ الرَّسَائِل الْعَدِيدَة فِي ذَلِكَ ، مِنْهَا رِسَالَة التَّعْظِيم وَالْمِنَّة فِي أَنَّ أَبَوَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّة .
قُلْت : الْعَلَّامَة السُّيُوطِيُّ مُتَسَاهِل جِدًّا لَا عِبْرَة بِكَلَامِهِ فِي هَذَا الْبَاب مَا لَمْ يُوَافِقهُ كَلَام الْأَئِمَّة النُّقَّاد .
وَقَالَ السِّنْدِيُّ : مَنْ يَقُول بِنَجَاةِ وَالِدَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلهُ عَلَى الْعَمّ @

الصفحة 494