كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

أَيْ إِلَى الدِّين لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى بُطْلَانهمْ
( حَتَّى يَرْتَدّ )
أَيْ يَرْجِع السَّهْم
( عَلَى فُوقه )
بِضَمِّ الْفَاء مَوْضِع الْوِتْر مِنْ السَّهْم ، وَهَذَا تَعْلِيق بِالْمُحَالِ فَإِنَّ اِرْتِدَاد السَّهْم عَلَى الْفَوْق مُحَال فَرُجُوعهمْ إِلَى الدِّين أَيْضًا مُحَال
( هُمْ شَرّ الْخَلْق وَالْخَلِيقَة )
قَالَ فِي النِّهَايَة الْخَلْق النَّاس وَالْخَلِيقَة الْبَهَائِم وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِد وَيُرِيد بِهِمَا جَمِيع الْخَلَائِق
( طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ )
فَإِنَّهُ يَصِير غَازِيًا
( وَقَتَلُوهُ )
أَيْ وَلِمَنْ قَتَلُوهُ فَإِنَّهُ يَصِير شَهِيدًا وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز حَذْف الْمَوْصُول أَوْ الْوَاو لِمُجَرَّدِ التَّشْرِيك ، وَالتَّقْدِير طُوبَى لِمَنْ جَمَعَ بَيْن الْأَمْرَيْنِ قَتْله إِيَّاهُمْ وَقَتْلهمْ إِيَّاهُ قَالَهُ الْقَارِي
( وَلَيْسُوا مِنْهُ )
أَيْ مِنْ كِتَاب
( فِي شَيْء )
فِي شَيْء مُعْتَدّ بِهِ
( مَنْ قَاتَلَهُمْ )
أَيْ مِنْ أُمَّتِي
( كَانَ أَوْلَى بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمْ )
أَيْ مِنْ بَاقِي أُمَّتِي وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون مَنْ تَعْلِيلِيَّة أَيْ مِنْ أَجْل قِتَالهمْ قَالَهُ الْقَارِي
( مَا سِيمَاهُمْ )
أَيْ عَلَامَتهمْ
( قَالَ التَّحْلِيق )
أَيْ عَلَامَتهمْ التَّحْلِيق وَهُوَ حَلْق الرَّأْس وَاسْتِئْصَال الشَّعْر .
قَالَ النَّوَوِيّ : اِسْتَدَلَّ بِهِ بَعْض النَّاس عَلَى كَرَاهَة حَلْق الرَّأْس وَلَا دَلَالَة فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَة لَهُمْ ؛ وَالْعَلَامَة قَدْ تَكُون بِحَرَامٍ وَقَدْ تَكُون بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " آيَتهمْ رَجُل أَسْوَد إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْل ثَدْي الْمَرْأَة " وَمَعْلُوم أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ ، بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْض رَأْسه فَقَالَ اِحْلِقُوهُ كُلّه أَوْ اُتْرُكُوهُ كُلّه " وَهَذَا صَرِيح فِي إِبَاحَة حَلْق الرَّأْس لَا يَحْتَمِل تَأْوِيلًا . قَالَ الْعُلَمَاء : حَلْق الرَّأْس جَائِز بِكُلِّ حَال لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّده بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيح اُسْتُحِبَّ حَلْقه وَإِنْ لَمْ يَشُقّ اُسْتُحِبَّ تَرْكه اِنْتَهَى كَلَامه .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : قَتَادَة لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ وَسَمِعَ أَنَس بْن مَالِك.@

الصفحة 112