كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)
مَا فِيهَا مَكِيدَة مِنْ عَمْرو بْن الْعَاصِ فَكَرِهَ النَّاس الْحَرْب وَتَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْح وَحَكَّمُوا الْحَكَمَيْنِ ، فَحَكَّمَ عَلِيّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ، وَحَكَّمَ مُعَاوِيَة عَمْرو بْن الْعَاصِ وَكَتَبُوا بَيْنهمْ كِتَابًا عَلَى أَنْ يُوَافُوا رَأْس الْحَوْل بِأَذْرُح فَيَنْظُرُوا فِي أَمْر الْأُمَّة ، فَافْتَرَقَ النَّاس وَرَجَعَ مُعَاوِيَة إِلَى الشَّام وَعَلِيّ إِلَى الْكُوفَة فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ الْخَوَارِج مِنْ أَصْحَابه وَمَنْ كَانَ مَعَهُ وَقَالُوا لَا حُكْم إِلَّا لِلَّهِ ، وَعَسْكَرُوا بِحَرُورَاء ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس فَخَاصَمَهُمْ وَحَجَّهُمْ ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ قَوْم كَثِير وَثَبَتَ قَوْم وَسَارُوا إِلَى النَّهْرَوَان فَعَرَضُوا لِلسَّبِيلِ فَسَارَ إِلَيْهِمْ عَلِيّ فَقَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَان وَقَتَلَ مِنْهُمْ ذَا الثُّدَيَّة وَذَلِكَ سَنَة ثَمَان وَثَلَاثِينَ ، وَاجْتَمَعَ النَّاس بِأَذْرُح فِي شَعْبَان مِنْ هَذِهِ السَّنَة وَحَضَرَهَا سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَابْن عُمَر وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّحَابَة ، فَقَدَّمَ عَمْرو أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَكِيدَة مِنْهُ فَتَكَلَّمَ فَخَلَعَ عَلِيًّا وَتَكَلَّمَ عَمْرو فَأَقَرَّ مُعَاوِيَة وَبَايَعَ لَهُ فَتَفَرَّقَ النَّاس عَلَى هَذَا وَصَارَ عَلِيّ فِي خِلَاف مِنْ أَصْحَابه حَتَّى صَارَ يَعَضّ عَلَى إِصْبَعه وَيَقُول أُعْصَى وَيُطَاع مُعَاوِيَة ، وَانْتَدَبَ ثَلَاثَة نَفَر مِنْ الْخَوَارِج عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلْجِم الْمُرَادِيّ وَالْبَرْك بْن عَبْد اللَّه التَّمِيمِيّ وَعَمْرو بْن بُكَيْر التَّمِيمِيّ فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّة وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيَقْتُلُنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة : عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَمُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَعَمْرو بْن الْعَاصِ وَيُرِيحُوا الْعِبَاد مِنْهُمْ ، فَقَالَ اِبْن مُلْجِم أَنَا لَكُمْ بِعَلِيٍّ وَقَالَ الْبَرْك أَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَة ، وَقَالَ عَمْرو بْن بُكَيْر أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرو بْن الْعَاصِ . هَذَا كَلَام اِبْن سَعْد وَقَدْ أَحْسَنَ فِي تَلْخِيصه هَذِهِ الْوَقَائِع وَلَمْ يُوَسِّع فِيهَا الْكَلَام كَمَا صَنَعَ غَيْره لِأَنَّ هَذَا هُوَ اللَّائِق بِهَذَا الْمَقَام قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا . قَالَهُ السُّيُوطِيُّ .
( وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ )
الْخَوَارِج
( يَخْلُفُونَكُمْ إِلَى ذَرَارِيّكُمْ )
جَمْع ذُرِّيَّة أَيْ فَيَنْهَبُونَهَا وَيَقْتُلُونَهَا
( وَأَمْوَالكُمْ )
أَيْ يَخْلُفُونَكُمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ فَيُفْسِدُونَهَا
( إِنِّي @
الصفحة 116