كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

أَتَسْمَعُ ؟ فَأَقُول نَعَمْ فَيَمْضِي حَتَّى قُلْت : لَا
( فَصَنَعَ مِثْل هَذَا )
: فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوع لِمَنْ سَمِعَ الزَّمَّارَة أَنْ يَصْنَع كَذَلِكَ . وَاسْتَشْكَلَ إِذْن اِبْن عُمَر لِنَافِعٍ بِالسَّمَاعِ وَيُمْكِن أَنَّهُ إِذْ ذَاكَ لَمْ يَبْلُغ الْحُلُم قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : الْمِزْمَار الَّذِي سَمِعَهُ اِبْن عُمَر هُوَ صَفَّارَة الرِّعَاء وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَقَدْ دَلَّ هَذَا الصُّنْع عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي غِلَظ الْحُرْمَة كَسَائِرِ الزَّمُور وَالْمَزَاهِر وَالْمَلَاهِي الَّتِي يَسْتَعْمِلهَا أَهْل الْخَلَاعَة وَالْمُجُون وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَشْبَهَ أَنْ لَا يَقْتَصِر فِي ذَلِكَ عَلَى سَدِّ الْمَسَامِع فَقَطْ دُون أَنْ يَبْلُغ فِيهِ مِنْ النُّكْر مَبْلَغ الرَّدْع وَالتَّنْكِيل . اِنْتَهَى
( قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا حَدِيث مُنْكَر )
: هَكَذَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَا يُعْلَم وَجْه النَّكَارَة فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيث رُوَاته كُلّهمْ ثِقَات وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِرِوَايَةِ أَوْثَق النَّاس .
وَقَدْ قَالَ السُّيُوطِيُّ : قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بْن عَبْد الْهَادِي هَذَا حَدِيث ضَعَّفَهُ مُحَمَّد بْن طَاهِر وَتَعَلَّقَ عَلَى سُلَيْمَان بْن مُوسَى وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَسُلَيْمَان حَسَن الْحَدِيث وَثَّقَهُ غَيْر وَاحِد مِنْ الْأَئِمَّة ، وَتَابَعَهُ مَيْمُون بْن مَهْرَانِ عَنْ نَافِع وَرِوَايَته فِي مُسْنَد أَبِي يَعْلَى ، وَمُطْعِم بْن الْمِقْدَام الصَّنْعَانِيّ عَنْ نَافِع وَرِوَايَته عِنْد الطَّبَرَانِيّ ، فَهَذَانِ مُتَابِعَانِ لِسُلَيْمَان بْن مُوسَى .
وَاعْتَرَضَ اِبْن طَاهِر عَلَى الْحَدِيث بِتَقْرِيرِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّاعِي وَبِأَنَّ اِبْن عُمَر لَمْ يَنْهَ نَافِعًا وَهَذَا لَا يَدُلّ عَلَى إِبَاحَة لِأَنَّ الْمَحْظُور هُوَ قَصْد الِاسْتِمَاع لَا مُجَرَّد إِدْرَاك الصَّوْت لِأَنَّهُ لَا يَدْخُل تَحْت تَكْلِيف ، فَهُوَ كَشَمِّ مُحْرِم طَيِّبًا فَإِنَّمَا يَحْرُم عَلَيْهِ قَصْده لَا مَا جَاءَتْ بِهِ رِيح لِشَمِّهِ ، وَكَنَظَرِ فَجْأَة بِخِلَافِ تَتَابَعَ نَظَّرَهُ فَمُحْرِم . وَتَقْرِير الرَّاعِي لَا يَدُلّ عَلَى إِبَاحَة لِأَنَّهَا قَضِيَّة عَيْن فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ بِلَا رُؤْيَته@

الصفحة 267