كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

وقال فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وقال ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته وقال أأمنتم من السماء فمعناه من على السماء يعني على العرش وقد تكون في بمعنى على ألا ترى إلى قوله تعالى فسيحوا في الأرض أي على الأرض
وكذلك قوله لأصلبنكم في جذوع النخل أي على جذوع النخل
وهذا كله يعضده قوله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه وما كان
مثله مما تلونا من الآيات في هذا الباب
فهذه الآيات وغيرها كلها واضحة في إبطال قول المعتزلة
وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء وقولهم استوى بمعنى استولى
فلا معنى له لأنه غير ظاهر في اللغة ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة
والله لا يغلبه ولا يعلوه أحد وهو الواحد الصمد
ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى يكون اتفاق من الأمة أنه أريد به المجاز إذا لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك وإنما يوجه كلام الله إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم
ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبادات
وجل الله أن يخاطب عباده في كتابه العربي إلا بما يفهمه العرب في معهود مخاطبتها مما يصح معناه عند السامعين

الصفحة 27