كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

الْمَعَازِف وَاسْتِمَاع الْأَغَانِي يُنْبِت النِّفَاق فِي الْقَلْب كَمَا يُنْبِت الْعُشْب عَلَى الْمَاء اِنْتَهَى كَلَامه مُخْتَصَرًا مِنْ الْإِغَاثَة .
وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود لَيْسَ مِنْ رِوَايَة اللُّؤْلُئِيّ . وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَاف : لَمْ يَذْكُرهُ أَبُو الْقَاسِم وَهُوَ فِي رِوَايَة أَبِي الْحَسَن بْن الْعَبْد وَغَيْره اِنْتَهَى .
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْغِنَاء مَعَ آلَة مِنْ آلَات الْمَلَاهِي وَبِدُونِهَا ، فَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى التَّحْرِيم ، وَذَهَبَ أَهْل الْمَدِينَة وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ عُلَمَاء الظَّاهِر وَجَمَاعَة مِنْ الصُّوفِيَّة إِلَى التَّرْخِيص فِي السَّمَاع وَلَوْ مَعَ الْعُود وَالْيَرَاع . كَذَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْل ، وَقَدْ أُشْبِعَ الْكَلَام فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي ذَلِكَ الْكِتَاب إِشْبَاعًا حَسَنًا وَقَالَ فِي آخِر كَلَامه : وَإِذَا تَقَرَّرَ جَمِيع مَا حَرَّرْنَاهُ مِنْ حُجَج الْفَرِيقَيْنِ فَلَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِر أَنَّ مَحَلّ النِّزَاع إِذَا خَرَجَ عَنْ دَائِرَة الْحَرَام لَمْ يَخْرُج عَنْ دَائِرَة الِاشْتِبَاه ، وَالْمُؤْمِنُونَ وَقَّافُونَ عِنْد الشُّبُهَات كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيث الصَّحِيح ، وَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ اِسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينه ، وَمَنْ حَامَ حَوْل الْحِمَى يُوشِك أَنْ يَقَع فِيهِ ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى ذِكْر الْقُدُود وَالْخُدُود وَالْجَمَال وَالدَّلَّال وَالْهَجْر وَالْوِصَال فَإِنَّ سَامِع مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ بَلِيَّة وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّصَلُّب فِي ذَات اللَّه عَلَى حَدٍّ يَقْصُر عَنْهُ الْوَصْف . وَكَمْ لِهَذِهِ الْوَسِيلَة الشَّيْطَانِيَّة مِنْ قَتِيل دَمه مَطْلُول وَأَسِير بِهُمُومِ غَرَامه وَهُيَامه مَكْبُول نَسْأَل اللَّه السَّدَاد وَالثَّبَات .
قُلْت : وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي كِتَاب الْأَشْرِبَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غُنْم قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِر أَوْ أَبُو مَالِك الْأَشْعَرِيّ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَام يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِير وَالْخَمْر وَالْمَعَازِف " .
وَأَخْرَجَ اِبْن مَاجَهْ فِي كِتَاب الْفِتَن بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ اِبْن الْقَيِّم عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيَشْرَبَنَّ نَاس مِنْ أُمَّتِي الْخَمْر يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اِسْمهَا يُعْزَف عَلَى رُءُوسهمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَات يَخْسِف اللَّه بِهِمْ الْأَرْض وَيَجْعَل مِنْهُمْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير " اِنْتَهَى .@

الصفحة 271