كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

السَّابِق وَلَمْ يَذْكُر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَمْ يُرْفَع الْحَدِيث
( وَلْيَقُلْ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ )
: أَيْ مَكَان قَوْله سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي وَقَدْ عَقَدَ الْإِمَام الْبُخَارِيّ بَابًا فِي جَوَاز إِطْلَاق السَّيِّد وَالْعَبْد مِنْ أَبْوَاب الْمَظَالِم فَقَالَ بَاب كَرَاهِيَة التَّطَاوُل عَلَى الرَّقِيق وَقَوْله عَبْدِي وَأَمَتِي إِلَى آخِره ، وَأَوْرَدَ فِيهِ سَبْعَة أَحَادِيث كُلّه يَدُلّ عَلَى الْجَوَاز . قَالَ فِي فَتْح الْبَارِي : قَوْله وَلْيَقُلْ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ . وَفِيهِ جَوَاز إِطْلَاق الْعَبْد عَلَى مَالِكه سَيِّدِي . قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره : إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْن الرَّبّ وَالسَّيِّد لِأَنَّ الرَّبّ مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى اِتِّفَاقًا .
وَاخْتُلِفَ فِي السَّيِّد وَلَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآن أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى فَالْفَرْق ظَاهِر وَلَا اِلْتِبَاس ؛ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ فَلَيْسَ فِي الشُّهْرَة وَالِاسْتِعْمَال كَلَفْظِ الرَّبّ فَيَحْصُل الْفَرْق بِذَلِكَ أَيْضًا . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَد وَالْمُصَنِّف فِي الْأَدَب الْمُفْرَد مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّير عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " السَّيِّد اللَّه " .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا أَطْلَقَهُ لِأَنَّ مَرْجِع السِّيَادَة إِلَى مَعْنَى الرِّيَاسَة عَلَى مَنْ تَحْت يَده وَالسِّيَاسَة لَهُ وَحُسْن التَّدْبِير لِأَمْرِهِ ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الزَّوْج سَيِّدًا . قَالَ وَأَمَّا الْمَوْلَى فَكَثِير التَّصَرُّف فِي الْوُجُوه الْمُخْتَلِفَة مِنْ وَلِيَ وَنَاصَرَ وَغَيْر ذَلِكَ ، وَلَكِنْ لَا يُقَال السَّيِّد وَلَا الْمَوْلَى عَلَى الْإِطْلَاق مِنْ غَيْر إِضَافَة إِلَّا فِي صِفَة اللَّه تَعَالَى اِنْتَهَى .
وَفِي الْحَدِيث جَوَاز إِطْلَاق مَوْلَايَ أَيْضًا .
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي هَذَا الْحَدِيث نَحْوه وَزَادَ " وَلَا يَقُلْ أَحَدكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمْ اللَّه وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي " فَقَدْ بَيَّنَ مُسْلِم الِاخْتِلَاف فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَعْمَش وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَة وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا وَقَالَ عِيَاض حَذْفهَا أَصَحّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْمَشْهُور@

الصفحة 322