كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

وقال عبد الله بن سعيد بن كلاب فيما حكاه عنه أبو بكر بن فورك وأخرج من النظر والخبر قول من قال لا هو داخل العالم ولا خارجه فنفاه نفيا مستويا لأنه لو قيل له صفه بالعدم ما قدر أن يقول فيه أكثر منه ورد أخبار الله نصا وقال في ذلك بما لا يجوز في خبر ولا معقول وزعم أن هذا هو التوحيد الخالص والنفي الخالص عندهم والإثبات الخالص وهم عند أنفسهم قياسون هذا حكاية لفظه
وقال الخطابي في كتاب شعار الدين القول في أن الله تعالى مستو على العرش
هذه المسألة سبيلها التوقيف المحض ولا يصل إليها الدليل من غير هذا الوجه وقد نطق به الكتاب في غير آية ووردت به الأخبار الصحيحة فقبوله من جهة التوقيف واجب والبحث عنه وطلب الكيفية غير جائز
وقد قال مالك الاستواء معلوم والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
فمن التوقيف الذي جاء به الكتاب قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وقال ثم استوى على العرش الرحمن وقال رفيع الدرجات ذو العرش
وقال أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا وقال تعرج الملائكة والروح إليه وقال بل رفعه الله إليه وقال إليه يصعد الكلم الطيب وقال حكاية عن فرعون أنه قال يا هامان ابن لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى فوقع قصد الكافر إلى الجهة التي أخبره موسى عنها ولذلك لم يطلبه في طول الأرض ولا عرضها ولم ينزل إلى طبقات الأرض السفلي
فدل ما تلوناه من هذه الآي على أن الله سبحانه في السماء مستو على العرش ولو كان بكل مكان لم يكن لهذا التخصيص معنى ولا فيه فائدة وقد جرت عادة المسلمين

الصفحة 35