كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

رِجْل طَائِر )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا مِثْل مَعْنَاهُ لَا تَسْتَقِرّ قَرَارهَا مَا لَمْ تُعَبَّر اِنْتَهَى ، فَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَالشَّيْءِ الْمُعَلَّق بِرِجْلِ الطَّائِر لَا اِسْتِقْرَار لَهَا
( مَا لَمْ تُعَبَّر )
: قَالَ الْقَارِي : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول وَبِتَخْفِيفِ الْبَاء فِي أَكْثَر الرِّوَايَات أَيْ مَا لَمْ تُفَسَّر
( فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ )
: أَيْ تِلْكَ الرُّؤْيَا عَلَى الرَّائِي يَعْنِي يَلْحَقهُ حُكْمهَا . قَالَ فِي النِّهَايَة الرُّؤْيَا عَلَى رِجْل طَائِر مَا لَمْ تُعَبَّر أَيْ لَا يَسْتَقِرّ تَأْوِيلهَا حَتَّى تُعَبَّر يُرِيد أَنَّهَا سَرِيعَة السُّقُوط إِذَا عُبِّرَتْ كَمَا أَنَّ الطَّيْر لَا يَسْتَقِرّ فِي أَكْثَر أَحْوَاله فَكَيْف مَا يَكُون عَلَى رِجْله .
وَمِنْهُ الْحَدِيث الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِر وَهِيَ عَلَى رِجْل طَائِر كُلّ حَرَكَة مِنْ كَلِمَة أَوْ جَارٍ يَجْرِي فَهُوَ طَائِر مَجَاز أَرَادَ عَلَى رِجْل قَدْر جَارٍ وَقَضَاء مَاضٍ مِنْ خَيْر أَوْ شَرٍّ وَهِيَ لِأَوَّلِ عَابِر يُعَبِّرهَا أَيْ أَنَّهَا إِذَا اِحْتَمَلَتْ تَأْوِيلَيْنِ أَوْ أَكْثَر فَعَبَّرَهَا مَنْ يَعْرِف عِبَارَتهَا وَقَعَتْ عَلَى مَا أَوَّلهَا وَانْتَفَى عَنْهَا غَيْره مِنْ التَّأْوِيل اِنْتَهَى .
قَالَ السُّيُوطِيُّ : وَالْمُرَاد أَنَّ الرُّؤْيَا هِيَ الَّتِي يُعَبِّرهَا الْمُعَبِّر الْأَوَّل فَكَأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى رِجْل طَائِر فَسَقَطَتْ وَوَقَعَتْ حَيْثُ عُبِّرَتْ اِنْتَهَى
( وَأَحْسَبهُ )
أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قَالَ وَلَا تَقُصّهَا )
: أَيْ لَا تَعْرِض رُؤْيَاك
( إِلَّا عَلَى وَادٍّ )
: بِتَشْدِيدِ الدَّال أَيْ مُحِبّ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقْبِلك فِي تَفْسِيرهَا إِلَّا بِمَا تُحِبّ
( أَوْ ذِي رَأْي )
: أَيْ عَاقِل أَوْ عَالِم . قَالَ الزَّجَّاج : مَعْنَاهُ ذُو عِلْم بِعِبَارَةِ الرُّؤْيَا فَإِنَّهُ يُخْبِرك بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرهَا أَوْ بِأَقْرَب مَا يُعْلَم مِنْهُ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح هَذَا آخِر كَلَامه . وَأَبُو رَزِين هَذَا هُوَ لَقِيط بْن عَامِر غَيْر لَقِيط بْن صَبْرَة ، وَفَصَلَ بَيْنهمَا الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الدِّمَشْقِيّ فِي الْأَشْرَاف فِي تَرْجَمَتَيْنِ وَصَحَّحَ بَعْضهمْ الْأَوَّل ، وَقَالَ الْبُخَارِيّ لَقِيط بْن عَامِر وَيُقَال لَقِيط بْن صَبْرَة بْن الْمُنْتَفِقِ وَقَالَ وَقِيلَ إِنَّ لَقِيط بْن عَامِر غَيْر لَقِيط بْن صَبْرَة وَلَيْسَ بِشَيْءٍ .@

الصفحة 364