كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

وَثِقَل النَّفْس وَكُدُورَة الْحَوَاسّ وَيُورِث الْغَفْلَة وَالْكَسَل وَسُوء الْفَهْم وَلِذَا كَرِهَهُ اللَّه وَأَحَبَّهُ الشَّيْطَان .
وَالْعُطَاس لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِخِفَّةِ الدِّمَاغ وَاسْتِفْرَاغ الْفَضَلَات عَنْهُ وَصَفَاء الرُّوح وَتَقْوِيَة الْحَوَاسّ كَانَ أَمْره بِالْعَكْسِ
( وَلَا يَقُلْ هَاهْ هَاهْ )
: بِسُكُونِ الْهَاء الثَّانِيَة وَهُوَ حِكَايَة صَوْت الْمُتَأَثِّب
( فَإِنَّمَا ذَلِكُمْ )
: أَيْ التَّثَاؤُب
( مِنْ الشَّيْطَان )
: قَالَ اِبْن بَطَّال : إِضَافَة التَّثَاؤُب إِلَى الشَّيْطَان بِمَعْنَى إِضَافَة الرِّضَا وَالْإِرَادَة أَيْ أَنَّ الشَّيْطَان يُحِبّ أَنْ يُرَى الْإِنْسَان مُتَثَائِبًا لِأَنَّهَا حَالَة تَتَغَيَّر فِيهَا صُورَته فَيَضْحَك مِنْهُ ، لِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّ الشَّيْطَان فِعْل التَّثَاؤُب .
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : إِنَّ كُلّ فِعْل مَكْرُوه نَسَبَهُ الشَّرْع إِلَى الشَّيْطَان ، لِأَنَّهُ وَاسِطَته وَأَنَّ كُلّ فِعْل حَسَن نَسَبَهُ الشَّرْع إِلَى الْمَلَك لِأَنَّهُ وَاسِطَته ، وَالتَّثَاؤُب مِنْ اِمْتِلَاء . وَيَنْشَأ عَنْهُ التَّكَاسُل وَذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الشَّيْطَان ، وَالْعُطَاس مِنْ تَقْلِيل الْغِذَاء يَنْشَأ عَنْهُ النَّشَاط وَذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الْمَلَك وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ .@

الصفحة 370