كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

وَتُوصَف الْقَطَا بِالْهَدَايَا وَالْعَرَب تَضْرِب بِهَا الْمَثَل فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَبِيض فِي الْقَفْر وَتَسْقِي أَوْلَادهَا مِنْ الْبُعْد فِي اللَّيْل وَالنَّهَار فَتَجِيء فِي اللَّيْلَة الْمُظْلِمَة وَفِي حَوَاصِلهَا الْمَاء فَإِذَا صَارَتْ حِيَال أَوْلَادهَا صَاحَتْ قَطَا قَطَا فَلَمْ تَخُطّ بِلَا عَلَم وَلَا إِشَارَة وَلَا شَجَرَة . فَسُبْحَان مَنْ هَدَاهَا لِذَلِكَ . وَقَالَ أَبُو زِيَاد الْكُلَابِيُّ : إِنَّ الْقَطَا تَطْلُب الْمَاء مِنْ مَسِيرَة عِشْرِينَ لَيْلَة وَفَوْقهَا وَدُونهَا .
قَالَ الدَّمِيرِيّ : وَالْعَرَب تَصِف الْقَطَا بِحُسْنِ الْمَشْي لِتَقَارُبِ خُطَاهَا ، وَمَشْيهَا يُشْبِه مَشْي النِّسَاء الْخَفَرَات بِمِشْيَتِهِنَّ .
وَرَوَى اِبْن حِبَّان وَغَيْره مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاة بَنَى اللَّه تَعَالَى لَهُ فِي الْجَنَّة بَيْتًا " وَخُصَّتْ الْقَطَاة بِهَذَا لِأَنَّهَا لَا تَبِيض فِي شَعْر وَلَا عَلَى رَأْس جَبَل إِنَّمَا تَجْعَل مُجَثَّمهَا عَلَى بَسِيط الْأَرْض دُون سَائِر الطُّيُور فَذَلِكَ شَبَّهَ بِهِ الْمَسْجِد ، وَلِأَنَّهَا تُوصَف بِالصِّدْقِ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الْإِخْلَاص فِي بِنَائِهِ .
وَقِيلَ خَرَجَ ذَلِكَ مَخْرَج التَّرْغِيب بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِير كَمَا خَرَجَ مَخْرَج التَّحْذِير بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِير قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَعَنَ اللَّه السَّارِق يَسْرِق الْبَيْضَة فَتُقْطَع يَده ، وَيَسْرِق الْحَبْل فَتُقْطَع يَده " اِنْتَهَى كَلَامه مُلَخَّصًا
( فَجَاءَتْ بِعُسٍّ )
: بِضَمِّ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد السِّين قَدَح ضَخْم
( مِنْ السَّحَر )
: قَالَ فِي الْمِرْقَاة بِفَتْحَتَيْنِ وَفِي نُسْخَة بِسُكُونِ الثَّانِي وَهُوَ الرِّئَة اِنْتَهَى ، يُقَال بِالْفَارِسِيَّةِ شش .
قَالَ فِي الْمِصْبَاح : السَّحَر الرِّئَة وَقِيلَ مَا لُصِقَ بِالْحُلْقُومِ وَالْمَرِيء مِنْ أَعْلَى الْبَطْن @

الصفحة 382