كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 13)

يَلْزَمهُمْ أَنْ تَكُون الشَّجَرَة هِيَ الْمُتَكَلِّمَة بِمَا ذَكَرَ اللَّه أَنَّهُ كَلَّمَ بِهِ مُوسَى وَهُوَ قَوْله { إِنَّنِي أَنَا اللَّه لَا إِلَه إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي } وَقَدْ أَنْكَرَ اللَّه تَعَالَى قَوْل الْمُشْرِكِينَ { إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْل الْبَشَر } وَلَا يُعْتَرَض بِقَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّهُ لَقَوْل رَسُول كَرِيم } لِأَنَّ مَعْنَاهُ قَوْل تَلَقَّاهُ عَنْ رَسُول كَرِيم كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَع كَلَام اللَّه } وَلَا بِقَوْلِهِ { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } لِأَنَّ مَعْنَاهُ سَمَّيْنَاهُ قُرْآنًا وَهُوَ كَقَوْلِهِ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } وَقَوْله { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } وَقَوْله { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث } فَالْمُرَاد أَنَّ تَنْزِيله إِلَيْنَا هُوَ الْمُحْدَث لَا الذِّكْر نَفْسه . وَبِهَذَا اِحْتَجَّ الْإِمَام أَحْمَد ، ثُمَّ سَاقَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيث نِيَار بِكَسْرِ النُّون وَتَخْفِيف التَّحْتَانِيَّة اِبْن مُكْرِم أَنَّ أَبَا بَكْر قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَة الرُّوم فَقَالُوا هَذَا كَلَامك أَوْ كَلَام صَاحِبك ؟ قَالَ لَيْسَ كَلَامِي وَلَا كَلَام صَاحِبِي وَلَكِنَّهُ كَلَام اللَّه . وَأَصْل هَذَا الْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مُصَحَّحَا .
وَقَالَ اِبْن حَزْم فِي الْمِلَل وَالنِّحَل : أَجْمَعَ أَهْل الْإِسْلَام عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى كَلَّمَ مُوسَى وَعَلَى أَنَّ الْقُرْآن كَلَام اللَّه وَكَذَا غَيْره مِنْ الْكُتُب الْمُنَزَّلَة وَالصُّحُف .
قَالَ الْحَافِظ بَعْدَمَا أَطَالَ الْكَلَام : وَالْمَحْفُوظ عَنْ جُمْهُور السَّلَف تَرْك الْخَوْض فِي ذَلِكَ وَالتَّعَمُّق فِيهِ وَالِاقْتِصَار عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْقُرْآن كَلَام اللَّه وَأَنَّهُ غَيْر مَخْلُوق ثُمَّ السُّكُوت عَمَّا وَرَاء ذَلِكَ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
4113 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَحْمَد بْن أَبِي سُرَيْج )
بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة وَالْجِيم
( عَنْ مُسْلِم )
هُوَ اِبْن صُبَيْح كَمَا@

الصفحة 65