كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 14)

إِلَّا مِنْ حَدِيث يَزِيد يَعْنِي اِبْن أَبِي زِيَاد هَذَا آخِر كَلَامِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْجِهَاد أَتَمَّ مِنْ هَذَا .
وَقَدْ رَوَى عَمْرو بْن مُرَّة الْجَمَلِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة وَهُوَ أَبُو الْعَالِيَة الْكُوفِيّ وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّام عَنْ صَفْوَان بْن عَسَّال رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ لِصَاحِبِهِ اِذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَقَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابه وَصَحَّحَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ يَزِيد بْن الْأَسْوَد وَابْن عُمَر وَكَعْب بْن مَالِك .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيث صَفْوَان وَهَذَا حَدِيث مُنْكَرٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُون إِنْكَار النَّسَائِيِّ لَهُ مِنْ جِهَة عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة فَإِنَّ فِيهِ مَقَالًا ، وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْأَصْبَهَانِيّ الْمُقْرِي جُزْءًا فِي الرُّخْصَة فِي تَقْبِيلِ الْيَد ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث اِبْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَبُرَيْدَةَ بْن الْحُصَيْبِ وَصَفْوَان بْن عَسَّال وَبُرَيْدَةَ الْعَبْدِيُّ وَالزَّارِع بْن عَامِر الْعَبْدِيُّ وَذَكَرَ فِيهِ آثَارًا صَحِيحَة عَنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ، وَذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّ مَالِكًا أَنْكَرَهُ وَأَنْكَرَ مَا رُوِيَ فِيهِ وَأَجَازَهُ آخَرُونَ .
وَقَالَ الْأَبْهَرِيّ إِنَّمَا كَرِهَهَا مَالِك إِذَا كَانَتْ عَلَى وَجْه التَّكَبُّر وَالتَّعْظِيم لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ ، فَأَمَّا إِذَا قَبَّلَ إِنْسَانٌ يَدَ إِنْسَانٍ أَوْ وَجْهَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَة إِلَى اللَّه لِدِينِهِ أَوْ لِعِلْمِهِ أَوْ لِشَرَفِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِز ، وَتَقْبِيل يَد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِدُنْيَا أَوْ لِسُلْطَانٍ أَوْ لِشَبَهِهِ مِنْ وُجُوه التَّكَبُّر فَلَا يَجُوز اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .@

الصفحة 133