كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 14)

عَبْد الْقَيْس تَبَادَرُوا مِنْ رَوَاحِلِهِمْ وَسَقَطُوا عَنْهَا عَلَى الْأَرْض وَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا وَقَرَّرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، وَاَلَّذِي كَانَ رَأْسَهُمْ وَمُقَدَّمَهُمْ اِسْمُهُ الْأَشَجُّ نَزَلَ أَوَّلًا فِي مَنْزِلٍ لَهُ وَاغْتَسَلَ وَلَبِسَ الثِّيَاب الْبِيض ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِد فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا فَقَصَدَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاضِعًا خَاشِعًا بِتَأَنِّي وَوَقَار ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْأَدَب أَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّ فِيك خُلَّتَيْنِ إِلَى آخِره اِنْتَهَى
( عَيْبَتَهُ )
: بِفَتْحِ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ مُسْتَوْدَعُ الثِّيَابِ
( فَقَالَ )
: أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( لَهُ )
: أَيْ لِلْمُنْذِرِ الْأَشَجّ
( خُلَّتَيْنِ )
: أَيْ خَصْلَتَيْنِ
( الْحِلْم وَالْأَنَاة )
: رُوِيَا مَرْفُوعَيْنِ وَمَنْصُوبَيْنِ الْحِلْم بِكَسْرِ الْحَاء تَأْخِيرُ مُكَافَأَةِ الظَّالِمِ ، وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا عَدَم اِسْتِعْجَاله وَتَرَاخِيه حَتَّى يَنْظُرَ فِي مَصَالِحِهِ ، وَالْأَنَاة عَلَى وَزْن الْقَنَاة هُوَ التَّثَبُّتُ وَالْوَقَارُ كَذَا فِي شَرْح الْمَشَارِق لِابْنِ الْمَلَك
( جَبَلَنِي )
: أَيْ خَلَقَنِي . وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى جَوَاز تَقْبِيل الْأَرْجُل .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَم الصَّحَابَة وَقَالَ وَلَا أَعْلَمُ لِزَارِعٍ غَيْرَهُ ، وَذَكَرَ أَبُو عَمْرو النَّمَرِيّ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو الزَّارِع وَأَنَّ لَهُ اِبْنًا يُسَمَّى الزَّارِع وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى وَأَنَّ حَدِيثه عِنْد الْبَصْرِيِّينَ وَأَنَّ حَدِيثَهُ هَذَا حَسَنٌ .@

الصفحة 136