كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 14)

وَفِي فَتْح الْبَارِي قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْجَوَاب عَنْ هَذَا الْحَدِيث : إِنَّ الْأَصَحّ وَالْأَوْلَى بَلْ الَّذِي لَا حَاجَةَ إِلَى مَا سِوَاهُ أَنَّ مَعْنَاهُ زَجْر الْمُكَلَّف أَنْ يُحِبَّ قِيَامَ النَّاس لَهُ ، قَالَ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقِيَامِ بِنَهْيٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . قَالَ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَحَبَّةُ الْقِيَامِ ، فَلَوْ لَمْ يَخْطِر بِبَالِهِ فَقَامُوا لَهُ أَوْ لَمْ يَقُومُوا فَلَا لَوْمَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ أَحَبَّ اِرْتَكَبَ التَّحْرِيم سَوَاءٌ قَامُوا أَوْ لَمْ يَقُومُوا ، قَالَ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِتَرْكِ الْقِيَامِ فَإِنْ قِيلَ فَالْقِيَام سَبَب لِلْوُقُوعِ فِي الْمَنْهِيّ عَنْهُ ، قُلْنَا هَذَا فَاسِد لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ الْوُقُوع فِي الْمَنْهِيّ عَنْهُ يَتَعَلَّق بِالْمَحَبَّةِ خَاصَّة اِنْتَهَى مُلَخَّصًا .
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ ، وَاعْتَرَضَهُ اِبْن الْحَاجّ بِأَنَّ الصَّحَابِيّ الَّذِي تَلَقَّى ذَلِكَ مِنْ صَاحِب الشَّرْع قَدْ فَهِمَ مِنْهُ النَّهْيَ عَنْ الْقِيَام الْمُوقَع لِلَّذِي يُقَامُ لَهُ فِي الْمَحْذُور فَصَوَّبَ فِعْل مَنْ اِمْتَنَعَ مِنْ الْقِيَام دُون مَنْ قَامَ وَأَقَرُّوهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَذَا قَالَ اِبْن الْقَيِّم فِي حَوَاشِي السُّنَن فِي سِيَاق حَدِيث مُعَاوِيَة رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّهْي إِنَّمَا هُوَ فِي حَقّ مَنْ يَقُوم الرِّجَالُ بِحَضْرَتِهِ ، لِأَنَّ مُعَاوِيَة إِنَّمَا رَوَى الْحَدِيث حِين خَرَجَ فَقَامُوا لَهُ ، اِنْتَهَى مَا فِي الْفَتْح .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن هَذَا آخِر كَلَامه . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى هَذَا الْحَدِيث وَمَا بَعْدَهُ فِي الْوَرَقَة الَّتِي قَبْلَ هَذَا فِي بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِيَام اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .
4553 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ أَبِي الْعَدَبَّس )
: بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْمُوَحَّدَة الْمُشَدَّدَة بَعْدهَا مُهْمَلَةٌ كُوفِيٌّ @

الصفحة 143