كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 14)

الْكَبِير كَذَا فِي النِّهَايَة وَفِي حَيَاة الْحَيَوَان : الْخُمْرَة السَّجَّادَة الَّتِي يَسْجُد عَلَيْهَا الْمُصَلِّي سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُخَمِّر الْوَجْه أَيْ تُغَطِّيه اِنْتَهَى
( فَأَحْرَقَتْ )
: الْفَأْرَة
( مِنْهَا )
: أَيْ مِنْ الْخُمْرَة
( فَقَالَ )
: النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( مِثْل هَذِهِ )
: أَيْ الْفَأْرَة
( عَلَى هَذَا )
: أَيْ الْفِعْل وَفَأْرَة الْبَيْت هِيَ الْفُوَيْسِقَة الَّتِي أَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهَا فِي الْحِلّ وَالْحَرَم وَأَصْل الْفِسْق الْخُرُوج عَنْ الِاسْتِقَامَة وَالْجَوْر ، وَبِهِ سُمِّيَ الْعَاصِي فَاسِقًا ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ هَذِهِ الْحَيَوَانَات فَوَاسِق عَلَى الِاسْتِعَارَة لِخُبْثِهِنَّ ، وَقِيلَ لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ الْحُرْمَة فِي الْحِلّ وَالْحَرَم أَيْ لَا حُرْمَةَ لَهُنَّ بِحَالٍ . وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي أَحْكَام الْقُرْآن بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَزِيد بْن أَبِي نُعَيْم أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيَّ لِمَ سُمِّيَتْ الْفَأْرَةُ الْفُوَيْسِقَةَ ، فَقَالَ اِسْتَيْقَظَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات لَيْلَة وَقَدْ أَخَذَتْ فَأْرَة فَتِيلَة السِّرَاج لِتُحَرِّق عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْت فَقَامَ إِلَيْهَا وَقَتَلَهَا وَأَحَلَّ قَتْلَهَا لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِم ذَكَرَهُ الْعَلَّامَة الدَّمِيرِيّ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده عَمْرو بْن طَلْحَة وَلَمْ نَجِدْ لَهُ ذِكْرًا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ كُتُبِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ عَمْرو بْن طَلْحَة وَقَعَ فِيهِ تَصْحِيف وَهِيَ طَبَقَة لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَاَللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَم . وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ " اِحْتَرَقَ بَيْتٌ عَلَى أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَأْنِهِمْ قَالَ إِنَّ هَذِهِ النَّار إِنَّمَا هِيَ عَدُوَّةٌ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ " .
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَمِّرُوا الْآنِيَّةَ ، وَفِيهِ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَة رُبَّمَا جَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ وَفِيهِ " فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَة تُضْرِمُ عَلَى أَهْل الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ " قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث الْإِبَانَة عَلَى أَنَّ الْحَقّ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْمَبِيت فِي بَيْت@

الصفحة 162