كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 14)

النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا سَمِعْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " مَنْ اِدَّعَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَم فَالْجَنَّة عَلَيْهِ حَرَام " .
( مَنْ اِدَّعَى )
: بِتَشْدِيدِ الدَّال أَيْ اِنْتَسَبَ وَرَضِيَ أَنْ يَنْسُبهُ النَّاس إِلَى غَيْر أَبِيهِ
( وَهُوَ يَعْلَم )
: أَيْ وَالْحَال أَنَّهُ يَعْلَم
( فَالْجَنَّة عَلَيْهِ حَرَام )
: أَيْ إِنْ اِعْتَقَدَ حِلّه أَوْ قَبْل أَنْ يُعَذَّب بِقَدْرِ ذَنْبه أَوْ مَحْمُول عَلَى الزَّجْر عَنْهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى فَسَاد عَرِيض .
قَالَ اِبْن بَطَّال : لَيْسَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث أَنَّ مَنْ اِشْتَهَرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْر أَبِيهِ أَنْ يَدْخُل فِي الْوَعِيد كَالْمِقْدَادِ بْن الْأَسْوَد ، وَإِنَّمَا الْمُرَاد بِهِ مَنْ تَحَوَّلَ عَنْ نِسْبَته لِأَبِيهِ إِلَى غَيْر أَبِيهِ عَالِمًا عَامِدًا مُخْتَارًا وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يَسْتَنْكِرُونَ أَنْ يَتَبَنَّى الرَّجُل وَلَد غَيْره وَيَصِير الْوَلَد يُنْسَب إِلَى الَّذِي تَبَنَّاهُ حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى { اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط عِنْد اللَّه } وَقَوْله تَعَالَى { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } فَنُسِبَ كُلّ وَاحِد إِلَى أَبِيهِ الْحَقِيقِيّ وَتَرَكَ الِانْتِسَاب إِلَى مَنْ تَبَنَّاهُ لَكِنْ بَقِيَ بَعْده مَشْهُورًا بِمَنْ تَبَنَّاهُ فَيُذْكَر بِهِ لِقَصْدِ التَّعْرِيف لَا لِقَصْدِ النَّسَب الْحَقِيقِيّ ، كَالْمِقْدَادِ بْن الْأَسْوَد وَلَيْسَ الْأَسْوَد أَبَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ تَبَنَّاهُ ، وَاسْم أَبِيهِ الْحَقِيقِيّ عَمْرو بْن ثَعْلَبَة كَذَا فِي الْفَتْح .
( رَجُلَانِ أَيّمَا رَجُلَيْنِ )
: أَيْ وَقَعَتْ صِفَة وَمَا زَائِدَة . قَالَ فِي الْمِصْبَاح : أَيْ تَقَع صِفَة تَابِعَة لِمَوْصُوفٍ وَتَطَابَقَ فِي التَّذْكِير وَالتَّأْنِيث نَحْو بِرَجُلٍ أَيْ رَجُل وَبِامْرَأَةٍ أَيَّة اِمْرَأَة اِنْتَهَى .@

الصفحة 17