كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 14)

ذَلِكَ مُطَّرِدًا فِي حَدِيث جَمِيع أَهْل الْكُوفَة بَلْ اِسْتَثْنَى مِنْهُ حَدِيث بَعْض الْحُفَّاظ مِنْ أَهْل الْكُوفَة .
وَأَمَّا حَدِيث أَكْثَرهمْ فَكَمَا قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللَّه وَذَلِكَ لِعَدَمِ اِعْتِنَائِهِمْ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة كَاعْتِنَاءِ أَهْل الْحِجَاز وَالْبَصْرَة وَالشَّام وَلَا يُبَالُونَ هَلْ هِيَ بِصِيغَةِ الْأَخْبَار أَوْ الْعَنْعَنَة وَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْن مَرْتَبَة الِاتِّصَال وَالِانْقِطَاع وَالْإِرْسَال بَلْ تَحْتَجُّونَ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي هِيَ تُوَافِق الْقِيَاس سَوَاء كَانَتْ صَحِيحَة أَوْ مُرْسَلَة أَوْ مُنْقَطِعَة أَوْ ضَعِيفَة مِنْ ضَعْف الرِّجَال وَيَرُدُّونَ بِهَا الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الثَّابِتَة ، فَكَيْف يُوجَد فِي أَحَادِيثهمْ نُور . وَأَمَّا حَدِيث أَهْل الْحِجَاز وَالشَّام وَالْبَصْرَة فَفِي أَحَادِيثهمْ نُور ، وَيَقْرُب مِنْ هَذَا مَا فِي سُنَن التِّرْمِذِيّ فِي كِتَاب الطَّهَارَة قَالَ عَلِيّ أَيْ اِبْن الْمَدِينِيّ قَالَ يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان ذُكِرَ لِهِشَامِ بْن عُرْوَة حَدِيث الْأَفْرِيقِيّ عَنْ أَبِي غُطَيْف عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْر كَتَبَ اللَّه لَهُ بِهِ عَشْر حَسَنَات " فَقَالَ هَذَا إِسْنَاد مَشْرِقِيّ اِنْتَهَى .
أَيْ مَا رَوَاهُ أَهْل الْمَدِينَة بَلْ رَوَاهُ أَهْل الْمَشْرِق وَهُمْ أَهْل الْكُوفَة وَكَأَنَّهُ جَرَّحَ فِي رِوَايَتهمْ وَاَللَّه أَعْلَم
( قَالَ )
: أَحْمَد بْن حَنْبَل
( وَمَا رَأَيْت مِثْل أَهْل الْبَصْرَة )
: فِي التَّثَبُّت وَالضَّبْط وَالْإِتْقَان بِالْأَحَادِيثِ
( كَانُوا )
: أَهْل الْبَصْرَة
( تَعَلَّمُوهُ )
: بِصِيغَةِ الْجَمْع الْمَاضِي بِشِدَّةِ اللَّام مِنْ بَاب التَّفَعُّل ، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب يَرْجِع إِلَى الْحَدِيث
( مِنْ شُعْبَة )
: بْن الْحَجَّاج الْبَصْرِيّ وَالْمَعْنَى أَنَّ شُعْبَة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة كَانَ نَاقِدًا لِلرِّجَالِ ضَابِطًا مُتْقِنًا مُتَيَقِّظًا مُحْتَاطًا فِي أَدَاء صِيَغ أَلْفَاظ الْحَدِيث وَالْأَسَانِيد وَأَنَّهُ لَا يَرْوِي عَنْ الْمُدَلِّسِينَ وَلَا عَنْ الضُّعَفَاء ، وَأَمَّا أَهْل الْبَصْرَة فَإِنَّمَا تَعَلَّمُوا هَذَا الْعِلْم @

الصفحة 19